شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صفة التطهر وما يوجبه

صفحة 248 - الجزء 1

مسألة: [في أن من فروض الوضوء المضمضة والاستنشاق]

  قال: ومن فروض الوضوء: المضمضة والاستنشاق. وقد نص عليه يحيى # في الأحكام والمنتخب جميعاً⁣(⁣١)، ونص عليه القاسم # في مسائل النيروسي وفي غيرها.

  واستدلا على ذلك بقوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا قُمۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ فَٱغۡسِلُواْ وُجُوهَكُمۡ}⁣[المائدة: ٦]، والفم والمنخران من الوجه، فوجب غسلهما.

  فإن قال المخالف: ليسا من الظاهر.

  قيل له: بل هما من الظاهر حكماً؛ بوجوه منها:

  أن الصائم يتمضمض ويستنشق، ولو كانا من الباطن لم يجز إيصال الماء إليهما في حال الصيام.

  والثاني: أنه لو كان بهما نجس لوجب إزالته كمن من الظاهر.

  والثالث: أن المخالف ذهب إلى أن غسلهما سنة، وغسل الباطن لا يكون سنة كما لا يكون فرضاً.

  فإن قيل: الفم والمنخران ليسا من الوجه؛ لأنه روي أن ÷ تمضمض واستنشق ثم غسل وجهه، [فلو كانا من الوجه لاكتفى بذكر وجهه⁣(⁣٢)] ولم يذكر المضمضة والاستنشاق.

  قيل له: لا يمتنع أن يجري الاسم على أشياء ثم يفرد بالذكر بعض ما يتناوله الاسم، ويذكر بعض المسميات ثم يذكر مع غيره، قال الله تعالى: {مَن كَانَ عَدُوّٗا لِّلَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَجِبۡرِيلَ وَمِيكَىٰلَ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوّٞ لِّلۡكَٰفِرِينَ ٩٨}⁣[البقرة: ٩٨]، فأفرد بالذكر جبريل وميكائيل بعد ما سمى الملائكة، وقال: {۞إِنَّآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ كَمَآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ نُوحٖ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ مِنۢ بَعۡدِهِۦۚ وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰٓ إِبۡرَٰهِيمَ}⁣[النساء: ١٣٦]،


(١) الأحكام (١/ ٥٩)، والمنتخب (٥٩).

(٢) ما بين المعقوفين من (أ).