باب القول في صفة التطهر وما يوجبه
مسألة: [في أن من فروض الوضوء المضمضة والاستنشاق]
  قال: ومن فروض الوضوء: المضمضة والاستنشاق. وقد نص عليه يحيى # في الأحكام والمنتخب جميعاً(١)، ونص عليه القاسم # في مسائل النيروسي وفي غيرها.
  واستدلا على ذلك بقوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا قُمۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ فَٱغۡسِلُواْ وُجُوهَكُمۡ}[المائدة: ٦]، والفم والمنخران من الوجه، فوجب غسلهما.
  فإن قال المخالف: ليسا من الظاهر.
  قيل له: بل هما من الظاهر حكماً؛ بوجوه منها:
  أن الصائم يتمضمض ويستنشق، ولو كانا من الباطن لم يجز إيصال الماء إليهما في حال الصيام.
  والثاني: أنه لو كان بهما نجس لوجب إزالته كمن من الظاهر.
  والثالث: أن المخالف ذهب إلى أن غسلهما سنة، وغسل الباطن لا يكون سنة كما لا يكون فرضاً.
  فإن قيل: الفم والمنخران ليسا من الوجه؛ لأنه روي أن ÷ تمضمض واستنشق ثم غسل وجهه، [فلو كانا من الوجه لاكتفى بذكر وجهه(٢)] ولم يذكر المضمضة والاستنشاق.
  قيل له: لا يمتنع أن يجري الاسم على أشياء ثم يفرد بالذكر بعض ما يتناوله الاسم، ويذكر بعض المسميات ثم يذكر مع غيره، قال الله تعالى: {مَن كَانَ عَدُوّٗا لِّلَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَجِبۡرِيلَ وَمِيكَىٰلَ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوّٞ لِّلۡكَٰفِرِينَ ٩٨}[البقرة: ٩٨]، فأفرد بالذكر جبريل وميكائيل بعد ما سمى الملائكة، وقال: {۞إِنَّآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ كَمَآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ نُوحٖ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ مِنۢ بَعۡدِهِۦۚ وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰٓ إِبۡرَٰهِيمَ}[النساء: ١٣٦]،
(١) الأحكام (١/ ٥٩)، والمنتخب (٥٩).
(٢) ما بين المعقوفين من (أ).