شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في كفارة اليمين

صفحة 135 - الجزء 5

باب القول في كفارة اليمين

  كفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين من فقراء المسلمين ومساكينهم الذين توضع فيهم زكوات المسلمين وأعشارهم دون فقراء أهل الذمة، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة⁣(⁣١).

  هذه الجملة لا خلاف فيها بيننا وبين أبي حنيفة وأصحابه والشافعي، ولا أحفظ فيه أيضاً عن غيرهم خلافاً إلا في موضع واحد، وهو جواز صرفها إلى فقراء أهل الذمة، فإن أبا حنيفة وأصحابه أجازوه، ومنع زيد بن علي @ من ذلك، وكذلك الشافعي منع منه.

  والدليل على صحة ما ذهبنا إليه قول الله تعالى: {إِنَّمَا اَ۬لصَّدَقَٰتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَٰكِينِ}⁣[التوبة: ٦٠] ولا خلاف بين المسلمين أن المراد بالفقراء والمساكين في هذه الآية فقراء المسلمين ومساكينهم، والألف واللام الداخلان في الصدقات هما للجنس، فكأنه قال ø: جميع الصدقات لفقراء المسلمين ومساكينهم، فلم يجز أن يصرف شيء من الصدقات إلى غيرهم.

  فإن قيل: فهل تنكرون جواز⁣(⁣٢) صرف الصدقات المتطوع بها إلى أهل الذمة؟

  قيل له: لا ننكر ذلك وإن كانت الآية اقتضت المنع من ذلك، لكن خصصنا الآية بوجوه ليس هذا موضع ذكرها.

  ويدل على ذلك أيضاً قول الله ø: {لَّا تَجِدُ قَوْماٗ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ اِ۬لْأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ اَ۬للَّهَ وَرَسُولَهُۥ}⁣[المجادلة: ٢٢] والبذل والإعطاء من الموادة، فلا يجوز منه إلا ما قام دليله. ويدل على ذلك قوله #: «أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم وأردها في فقرائكم».


(١) الأحكام (٢/ ١٢٥) والمنتخب (٣١٧).

(٢) في (ب، هـ): فهل تجيزون جواز.