شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في كفارة اليمين

صفحة 136 - الجزء 5

  فإن قيل: وهذا⁣(⁣١) مما لم نؤمر بأخذه.

  قيل له: ذلك غير مسلم، فإن الإمام يأخذ كل ما وجب على المسلم إذا امتنع من أدائه.

  ونقيسها على الزكوات والعشور فنقول: قد أجمعنا على أنه لا يجوز أن يدفع إلى أهل الذمة شيء من الزكوات والعشور، فكذلك صدقات الكفارات، والعلة أنها صدقة واجبة. وأيضاً قد أجمعنا أن هذه الصدقات لا يجوز دفعها إلى الحربي، فكذلك إلى الذمي، والمعنى أنه كافر مشرك.

  فإن قيل: فقد قال الله ø: {وَيُطْعِمُونَ اَ۬لطَّعَامَ عَلَيٰ حُبِّهِۦ مِسْكِيناٗ وَيَتِيماٗ وَأَسِيراً ٨}⁣[الإنسان: ٨] والأسير في أيدي المسلمين لم يكن يومئذ إلا كافراً.

  قيل له: يجوز أن يكون المراد به الإطعام على سبيل التطوع، ونحن لا ننكر ذلك، ويدل على صحة هذا التأويل أن الأسير إذ ذاك لم يكن ذمياً، ولم يكن إلا حربياً، ولا خلاف أنه لا يدفع إلى الحربي إلا ما يتطوع به.

  فإن قيل: روي أن الناس تجنبوا دفع الصدقة إلى غير أهل دينهم فأنزل الله تعالى: {۞لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَيٰهُمْ}⁣[البقرة: ٢٧١] فقال النبي ÷: «تصدقوا على أهل الأديان»⁣(⁣٢).

  قيل له: معناه التطوع؛ بالأدلة التي تقدمت.

  فإن قيل: نحن نقيسها على صدقة التطوع بعلة أن أخذها ليس إلى الإمام - لم نسلم لهم⁣(⁣٣) العلة، ومعنا الحظر والاحتياط.


(١) أي: الكفارات. (من هامش هـ).

(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٢/ ٤٠١).

(٣) في (د): له. وفي (هـ): قيل له: لا نسلم لهم العلة.