شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الشهادة على الزنا

صفحة 193 - الجزء 5

  قيل له: ليس ذلك كذلك؛ لأن الشهادة إذا حصلت لو كانت في حكم ما لم يحصل لم يجب أن يقع بها حكم، ولا أن يقام بها حد، وفي صحة ذلك دليل على أنها إذا حصلت كانت حاصلة⁣(⁣١) وسقط حكم القذف. على أن الحدود تدرأ بالشبهات، وحصول شهادة الأربعة أقل ما فيها أن تكون شبهة في درء الحد.

  فأما الراجع فيلزمه الحد - خلافاً لما ذهب إليه زفر - لأنه أقر على نفسه بالقذف، ولا ينفعه حصول الشهادة؛ لأنه مكذب بها.

  وقلنا: لا شيء على المشهود عليه لأن الشهادة قد اختلت وصارت غير تامة؛ لأنه لا خلاف فيه؛ لأنا لو حددناه لحددناه بشهادة ثلاثة، وذلك خلاف ما أمرنا به.

مسألة: [في رجوع بعض الشهود بالزنا بعد الحد]

  قال: وإن رجع بعد أن أقيم الحد على المشهود عليه لزمه بقسط شهادته من أرش الضرب، وإن كان رجماً لزمه من الدية بقسطها، وهو الربع، فإن كان جلد ورجم في دفعة فالواجب أن يضمن ربع الدية؛ لأن الأرش يدخل في الدية.

  وبه قال أبو يوسف ومحمد، وقال أبو حنيفة: لا أرش عليه ولا دية.

  والدليل على ما قلناه: أنه أقر بإتلاف العضو⁣(⁣٢) أو النفس فوجب أن يضمن؛ لأن ما فعله الإمام بشهادته في حكم ما فعله؛ دليله لو شهد بمال فحكم بشهادته وسلم المال إلى المدعي ثم رجع أنه يضمن؛ لأنه أقر بإتلاف ما تلف بشهادته.

  ويدل على ذلك ما رواه زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي $ أن شاهدين شهدا عنده على رجل أنه سرق فقطع يده، ثم جاءا بآخر فقالا: يا أمير المؤمنين، غلطنا، هذا الذي سرق، والأول بريء، فقال #: (عليكما دية الأول، ولا أصدقكما على هذا الآخر، ولو أعلم أنكما تعمدتما قطع يده لقطعت أيديكما) ولم يرو عن غيره من الصحابة خلاف ذلك، فجرى مجرى إجماعهم. على أن قوله عندنا حجة.


(١) كذا في المخطوطات.

(٢) في السرقة. (من هامش هـ).