شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 256 - الجزء 1

  في ذلك الحكم كل ما يتناوله الاسم، فكان مقتضى ما قلناه فيما سألت عنه أن يجب قطع كل سارق إلا من قام دليله، وهذا ما لا ننكره، بل لا خلاف فيه بين كل من قال بالعموم، وهو أحد ما يوضح ما قلناه في المسح؛ لأن الأمر لو كان على ما قاله لكانت الآية تقتضي من القطع ما يسمى الإنسان به قاطع سارق، فكان كون الواجب بقضية⁣(⁣١) الظاهر قطع سارق واحد، وذلك فاسد، وأما المسروق فلا لفظ له فيراعى فيه العموم أو الخصوص، فكيف يشبهُ حالُ المسروق ولا اسم له ولا لفظ [له⁣(⁣٢)] في الظاهر حالَ ما ذكرنا؟ وهذا واضح بحمد الله.

  فإن قالوا: الباء توجب التبعيض، فوجب بحكم الظاهر أن يكون الممسوح بعض الرأس.

  قيل لهم: الباء توجب الإلصاق ولا توجب التبعيض؛ ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَلۡيَطَّوَّفُواْ بِٱلۡبَيۡتِ ٱلۡعَتِيقِ ٢٩}⁣[الحج]، وقوله تعالى: {فَضُرِبَ بَيۡنَهُم بِسُورٖ لَّهُۥ بَابُۢ}⁣[الحديد: ١٣]، وقوله تعالى: {وَأۡمُرۡ قَوۡمَكَ يَأۡخُذُواْ بِأَحۡسَنِهَاۚ}⁣[الأعراف: ١٤٥]، والباء في جميع هذه المواضع لإلصاق الفعل بالمفعول به، لا للتبعيض؟

  ومن يقول: إنه للتبعيض لا يمنع أنه يفيد الإلصاق للفعل، إلا أنه يقول: يقتضي إلصاقه وتبعيض⁣(⁣٣) المفعول به، فصار اقتضاؤه للإلصاق متفقاً عليه، وما ادعوا من التبعيض مختلفاً فيه، فعلى من ادعاه الدليل، ولا دليل له.

  فإن قيل: لو لم تجعل الباء للتبعيض كنا قد سلبناه الفائدة؛ لأنه يكون دخوله كخروجه؛ إذ يكون المستفاد بقوله: {وَٱمۡسَحُواْ بِرُءُوسِكُمۡ}⁣[المائدة: ٦] هو المستفاد بقوله: وامسحوا رؤوسكم.


(١) في (ب، د): يقتضيه.

(٢) ما بين المعقوفين من (أ).

(٣) في (ب): إلصاقه ببعض.