كتاب الحدود
  رجمهما بعد الرابعة(١). فدل ذلك على أن حكم الإقرار كان معلوماً عندهم، وأن الحد لا يجب إلا بعد الرابعة(٢).
  فإن قيل: فقوله ÷: «اغد يا أنيس على امرأته فإن أقرت فارجمها» دليلٌ على أن الرجم يجب بإقراره مرة واحدة.
  قيل له: ليس في ذلك بيان عدد الإقرار، وهذا كما يقول: إن أقام البينة فافعل، لا يعقل من هذا عدد البينة، ويجوز أن يكون النبي ÷ أطلق ذلك القول لأنيس لأنه كان عرف حكم(٣) عدد الإقرار، ألا ترى أنه لم يقل له: سل عن عقلها، وإن كان لا بد منه؟
  وروي عن علي # - رواه زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي $ - أن امرأة أتته فاعترفت عنده بالزنا فرددها حتى فعلت ذلك أربع مرات، ثم رجم، ولا يحفظ عن أحد من الصحابة أنه خالفه، فجرى مجرى الإجماع منهم.
  ويؤكد(٤) ذلك أن الحدود لا يجب إقامتها إلا توقيفاً، ولا توقيف في الإقرار دون أربع مرات، ولأنه معنى يثبت به حد هو حق لله خالصاً فوجب أن يعتبر فيه العدد؛ دليله الشهادة، ولأن الشهادة آكد حكماً من الإقرار؛ لإمكان أن يسقط الحد عن نفسه بعد الإقرار، فلما روعي في الشهادة من التأكيد ما لم يراع في سائر الشهادات كان الإقرار أولى بذلك.
  فإن قيل: فقد روي: «من يبد لنا صفحته نقم عليه حد الله»(٥).
  قيل له: الخلاف فيما تبدى به الصفحة.
(١) أخرجه أبو داود في السنن (٣/ ١٥٣).
(٢) في (أ، ج، د): الرابع.
(٣) «حكم» ساقط من (هـ).
(٤) في (ب، د، هـ): «يؤكد» بدون واو.
(٥) أخرجه مالك في الموطأ (٥/ ١٢٠٥) والبيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٥٦٥).