كتاب الحدود
  وعلى الإمام أن يزجره عند كل إقرارة زجرة خفيفة.
  وذلك لما روي أن ابن عباس قال: إن ماعزاً جاء إلى النبي ÷ فأقر بالزنا مرتين فطرده رسول الله ÷، وفي غيره من الأحاديث أنه أعرض عنه.
  قال: وإذا أقر أربع مرات سأله عن الزنا ما هو، وكيف هو؟ فإن عرف سأل عن عقله، فإذا صح له عقله عرفه أنه إن ثبت(١) على إقراره أقام عليه حد مثله(٢).
  وذلك لما روي عن علي # أنه(٣) قال في الخامسة: «أتدري ما الزنا؟» فقال: نعم، أتيتها حراماً حتى غاب ذاك مني في ذاك منها كما يغيب المرود في المكحلة والرشاء في البئر، وروي أنه قال لماعز: «أبك جنون؟» قال: لا، ولما روي عن أبي بكر أنه قال: إن أقررت الرابعة رجمك رسول الله ÷. وليكون إقدامه في الثبات على الإقرار(٤) على بصيرة.
  قال: فإن وقع في إقراره شيء يوجب درء الحد درأه عنه.
  وذلك لأن الإقرار لا يكون قد تم ووقع على وجه يوجب الحد، ولقوله: «ادرؤوا الحدود بالشبهات»، ولما روي عن علي # أنه قال: (لَأَنْ أخطئ في العفو أحب إليَّ من أن أخطئ في العقوبة).
(١) في (أ، ج): يثبت.
(٢) الأحكام (٢/ ١٦٢).
(٣) أي: النبي ÷. (من هامش هـ).
(٤) في (هـ): وليكون إقدامه على الثبات في الإقرار.