شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الحدود

صفحة 213 - الجزء 5

  في المحدود في الزنا⁣(⁣١) والخمر والسرقة، ألا ترى أن شهادة هؤلاء كلهم تتعلق بأفعالهم التي استحقوا بها الحد دون الحد؟ فكذلك القاذف.

  على أن الحد لا يخلو من أن يكون عقوبة أو تكفيراً، وأيهما كان لم يتعلق بطلان الشهادة به، فيجب أن يكون تعلقه بارتكاب ما ارتكب من المحظور. على أن الأصول شاهدة لنا بذلك؛ لأن الشهادات يتعلق بطلانها بارتكاب ما يوجب العقوبات.

  فإن قيل: إذا قلتم: إن الاستثناء راجع إلى جميع ما تقدم فيجب أن يرجع إلى الجلد، فيسقط الجلد بالتوبة.

  قيل له: الظاهر يقتضي ذلك، وحكي عن الشعبي، وهو أحد قولي الشافعي، ونحن نخرجه من حكم الاستثناء بالدلالة، وإلا فحكم الاستثناء يوجب ذلك، ووجه⁣(⁣٢) دليلنا: أن الجلد حق لبني آدم فلا يجب أن يسقط بالتوبة، وليس كذلك الشهادة⁣(⁣٣)؛ لأنها ليست حقاً ثابتاً لأحد؛ لأن حق الشهادة إنما هو للمشهود⁣(⁣٤) له⁣(⁣٥)، وإبطال الشهادة هو إسقاط الحق دون قبولها.

  فإن قيل: إذا قيل: «لفلان عليَّ عشرة دراهم إلا ثلاثة دراهم إلا درهما⁣(⁣٦)» فيكون الاستثناء الأخير يرجع إلى الذي يليه دون ما تقدم.

  قيل له: ليس هذا عروضاً⁣(⁣٧) لما ذهبنا إليه، وذلك أن قوله: «إلا درهما» أمر


(١) في (ب، د، هـ): بالزنا.

(٢) في (ب، د، هـ): وجه.

(٣) لعل الصواب أن يقال: وليس كذلك عدم قبول الشهادة، ثم يعلل بما يناسب ذلك؛ لأن عدم قبول الشهادة هو المذكور في الآية مع الجلد.

(٤) في (د): للشهود. وظنن به في (ب).

(٥) «له» ساقط من (ب، د، هـ).

(٦) في (أ، ب، ج، هـ): إلا درهم.

(٧) في (أ، ب، ج، هـ): عروض.