شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الحدود

صفحة 215 - الجزء 5

  ويقاس عليه إذا حد ثم تاب؛ بأن يقال: إنه تاب من قذفه بعدما أقيم عليه حده فيجب أن يكون مقبول الشهادة، كالذمي إذا أسلم وتاب من قذفه بعد حده.

  فإن قالوا: اليهود والنصارى عندنا لم يدخلوا في حكم الآية من جهة اللفظ؛ لأن الله تبارك وتعالى إنما حكم بهذا فيمن لزمه اسم الفسق بوقوع حده، وأولئك⁣(⁣١) كانوا مستحقين اسم الفسق قبل ذلك بكفرهم.

  قيل لهم⁣(⁣٢): هذا يوجب عليكم أن تجيزوا قبول شهادة التائب من القذف بعد الجلد إذا كان في حال قذفه وقبل ذلك مرتكباً للكبائر؛ لأنه يكون مستحقاً اسم الفسق لارتكابه الكبائر قبل القذف وقبل الحد، وهذا يهدم ما اعتمدتموه؛ لأنه نكتة التي بها تقولون.

  فإن قيل: الشاهد يحتاج أن يكون عدلاً في دينه وعدلاً في فعله؛ لهذا ترد شهادة الفاسق فإن⁣(⁣٣) كان من أهل الإسلام، فإقامة الحد عليه تبطل عدالته من جهة الدين والفعل جميعاً، فإذا تاب فإن توبته أوجبت عدالته من جهة الفعل [دون الدين]؛ لأن دينه هو الذي كان من قبل، واليهودي إذا حد فإنما بطلت عدالته من جهة الفعل ومن جهة الدين، فإذا أسلم وتاب حصلت له عدالة من جهة الدين والفعل، فوجب أن تقبل شهادته.

  قيل له: هذا كله تمويه وتحكم، فأول ذلك أنا لا نسلم أن المبطل لعدالته هو إقامة الحد؛ لأن المبطل لعدالته هو القذف متى تعرى عن إكمال الشهادة، وبه استحق الجلد، وإذا كان ذلك كذلك فتعليلهم يوجب ألا تقبل شهادته وإن تاب قبل الجلد، وشهادته إذا تاب قبل الحد عندهم مقبولة. ومنها أن القذف أو إقامة الحد عليه لم تسقط عدالته من جهة الدين، وإنما أسقط عدالته من جهة الفعل،


(١) في (أ، ج): فأولئك.

(٢) في المخطوطات: له. والمثبت نسخة في (د).

(٣) في (أ، ب، ج، د): فإن.