شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في حد القاذف

صفحة 238 - الجزء 5

فصل: [في حد من شهد عليه اثنان بشم رائحة الخمر من نكهته]

  قال يحيى بن الحسين #: ويحد إذا شمت رائحتها من نكهته⁣(⁣١).

  وحكي ذلك عن مالك. وعند أبي حنيفة والشافعي لا يحد، وكذلك إن كان قاء خمراً لم يحد عند أبي حنيفة.

  ووجه ما ذهبنا إليه: أنها لا تحصل الرائحة في نكهته إلا من شربها، فجرى ذلك مجرى المعاينة لشربها.

  فإن قيل: في بعض الفواكه والأشربة المخللة ما يكون رائحتها مثل رائحة الخمر.

  قيل له: لا يمتنع أن يتحامل ذلك، ومتى كان ذلك كذلك لم يحد، وإنما يحد إذا حصل اليقين بأنه رائحة الخمر، ويدل على صحة ذلك أنا نعلم بالرائحة أن العين خمر فنأمر بإراقتها، فبان أن الرائحة تفصل بينها وبين غيرها، كذلك يفصل بالرائحة بين شاربها وشارب غيرها.

  ويدل على ذلك: ما روي أن عثمان أتي بالوليد بن عقبة وقد صلى الفجر⁣(⁣٢) بأهل الكوفة أربعاً وقال: أزيدكم، فشهد رجل أنه رآه يشربها، وشهد آخر أنه رآه يقيئها، قال عثمان: إنه لم يقئها حتى شربها، فقال: عثمان لعلي #: أقم عليه الحد، فقال علي لابنه الحسن: (أقم عليه الحد) فقال الحسن: وَلِّ حارَّها من تولى قارَّها، فقال علي # لعبدالله بن جعفر: (أقم عليه الحد) فأخذ السوط فجلده⁣(⁣٣). فقول عثمان: لم يقئها حتى شربها يدل على أنه أجرى ما لا يكون إلا مع الشرب مجرى الشرب، وذلك بمحضر من علي والحسن @ وغيرهما فلم


(١) في (ب، د، هـ): نهكته.

(*) الأحكام (٢/ ١٩٨).

(٢) «الفجر» ساقط من (أ، ب، ج، د).

(٣) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٣/ ١٥٢).