شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في حد القاذف

صفحة 239 - الجزء 5

  ينكر عليه، فجرى⁣(⁣١) مجرى الإجماع، فثبت ما قلناه من أن اشتمام الرائحة منه يجري مجرى المعاينة لشربها؛ لأن الرائحة لا تكون إلا مع⁣(⁣٢) الشرب، كما أن القيء⁣(⁣٣) لا يكون إلا من الشرب؛ لذلك أقام معاينة القيء مقام معاينة الشرب.

  فإن قيل: يحتمل أن يكون شرب غلطاً أو مكرهاً.

  قيل له: ذلك له حجة يدلي بها إن ذكرها سمعت منه، كما أن المرأة إذا ادعت الإكراه في الزنا سمع ذلك منها ودرئ عنها⁣(⁣٤) الحد.

  وعلى هذا يجب أن يحد من وجد سكران. وروي أيضاً أن النبي ÷ لما استراب بماعز أمر أن يستنهك⁣(⁣٥)، فأكد ذلك ما ذهبنا إليه. وروي أن أبا بكر أتي بسكران فأمر به فضرب، وأتي عمر بسكران فأمر به فضرب، ولم ينكره أحد من الصحابة، فدل هذا على ما ذهبنا إليه، وذكر الجصاص في شرحه⁣(⁣٦) حديث عمرو بن الشريد عن أبيه قال: سمعت رسول الله ÷ يقول: «إذا سكر أحدكم فاضربوه، فإن عاد فاضربوه، ثم إن عاد فاضربوه، ثم إن عاد الرابعة فاقتلوه».

  وذكر⁣(⁣٧) عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله ÷ قال: «إذا سكر أحدكم فاجلدوه، ثم إذا سكر فاجلدوه» إلى أن قال الرابعة: «فاضربوا عنقه».

  فدل ذلك كله على أن السكران إذا وجد كذلك أقيم عليه الحد؛ للعلم بأن السكر لا يكون إلا عن الشرب، وكذلك الرائحة والقيء.


(١) في (أ، ب، ج، د): وجرى.

(٢) في (ب، د، هـ): من.

(٣) في (د): التقيؤ.

(٤) «عنها» ساقط من (أ، ب، ج، د).

(٥) في المطبوع: يستنكه.

(٦) شرح مختصر الطحاوي (٦/ ٣٧٥) وأخرجه الطبراني في الكبير (٧/ ٣٧٩).

(٧) شرح مختصر الطحاوي (٦/ ٣٧٦) وأخرجه ابن ماجه (٢/ ٨٥٩) والنسائي (٨/ ٣١٤).