شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الحدود

صفحة 243 - الجزء 5

  قال: رسول الله ÷ «لا تقطع يد السارق إلا في جحفة» وقومت يومئذ على عهد رسول الله ÷ ديناراً أو عشرة دراهم⁣(⁣١). وذكر الجصاص⁣(⁣٢) أنه روي عن أنس وعروة والزهري أن قيمته خمسة دراهم، وعن عائشة أن قيمة المجن ربع دينار.

  فلما ثبت أنهم اختلفوا في ثمن المجن كان ذلك لاختلاف أحوال المجان؛ إذ فيها الأعلى والأوسط والأدنى، ولاختلاف اجتهادهم، فكان تقويمه بالعشرة أولى؛ لأنه تعلق القطع به على اليقين.

  على أنه قد ثبت بما أجمعوا عليه أن القطع لا يكون إلا في مقدار من المال، والتقدير له أحد الطريقين: إما الإجماع، وإما النص ما وجدا، ووجدنا النص قد اختلف فيه؛ لأنه روي عن عائشة بألفاظ مختلفة عن النبي ÷ أن السارق يقطع في ربع دينار. على أن ما روي عنها يحتمل أن يكون قالت بتقويمها، وعرفت أن النبي ÷ أوجب القطع في المجن وقومت هي المجن؛ لأن كثيراً من الأخبار جاءت موقوفة عليها غير مرفوعة إلى النبي ÷، وروي أن يحيى بن سعيد كان يرفع حتى قال له عبدالرحمن بن القاسم: إنها لم تكن ترفعه، فترك يحيى الرفع بعد ذلك.

  على أنه إن صح ذلك فأكثر ما فيه أنه⁣(⁣٣) يعارض ما رويناه من النص عن رسول الله ÷، وهو حديث عمرو وحديث ابن مسعود عن النبي ÷، فيعدل عنه إلى الاتفاق، وهو القطع في عشرة، ويؤكد به ما رويناه من النص. على أن دون العشرة قد حصل فيه الاشتباه، فوجب ألا نقيم به الحد؛ لقوله ÷: «ادرؤوا الحدود بالشبهات».


(١) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٣/ ١٦٣).

(٢) شرح مختصر الطحاوي (٦/ ٢٤٧).

(٣) «أنه» ساقط من (أ، ب، ج، د).