كتاب الطهارة
  حدثنا الفريابي، قال: حدثنا زائدة، قال: حدثنا خالد بن علقمة، عن عبد خير، قال: دخل علي # الرحبة، ثم قال لغلامه: ائتني بطهور، فأتاه بماء وطست، فتوضأ فغسل رجليه ثلاثً ثلاثاً، وقال: هذا(١) طهور رسول الله ÷(٢).
  فإن قيل: فهذه الأخبار الواردة في الأفعال كيف تقتضي الوجوب؟
  قيل له: لأن هذه الأفعال بيان للواجب، وما كان بياناً للواجب كان عندنا محمولاً عل الوجوب.
  فإن قيل: فكيف صارت هذه الأفعال بياناً؟
  قيل له: لأن قوله تعالى: {وَٱمۡسَحُواْ بِرُءُوسِكُمۡ وَأَرۡجُلَكُمۡ إِلَى ٱلۡكَعۡبَيۡنِۚ}[المائدة: ٦] قد قرئ بنصب اللام وجرها، وقد حمل النصب على الغسل بأن جعل نسقاً على الوجه واليدين، وقد حمل أيضاً على المسح وقيل: إنه نسق على موضع النصب؛ لأن الرأس(٣) كان حقه النصب لولا دخول الباء عليه.
  وقالوا أيضاً: إنه نصب لنزع الخافض، فكان تقدريره: برؤوسكم وبأرجلكم، فلما نزع الخافض انتصب اللام.
  وقد حمل الجر على المسح، وقالوا: إن الأرجل نسق على الرؤوس، وحملوه على الغسل وقالوا: إنه نسق على الوجه واليدين، ولكنه جر بمجاورة المجرور، كما قيل: جحرُ ضبٍّ خربٍ.
  وهذه الوجوه كلها محتملة في اللسان والإعراب، فصارت الآية في حكم المجمل؛ إذ لم يقل أحد: إن الآية موجبة للمسح والغسل جميعاً، وإذا(٤) كان الأمر على ما بينا وجب أن يكون فعل النبي ÷ بياناً لها، وإذا كان بياناً كان
(١) في شرح معاني الآثار: هكذا كان طهور رسول الله ÷.
(٢) شرح معاني الآثار (١/ ٣٥).
(٣) في المخطوطات: لأن اللام. والمثبت نسخة في هامش (ب).
(٤) في (ب): فإذا.