شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الحدود

صفحة 285 - الجزء 5

  النساء. وأيضاً قد ثبت أن الرجل لزمه القتل بخروجه من الإسلام إلى الكفر، وأيضاً قتل المرتد حد من الحدود؛ بدلالة أنه عقاب مخصوص على فعل مخصوص لا يستوفيه إلا الإمام، فيجب أن يستوي فيه الرجال والنساء؛ دليله الرجم.

  ويؤكد ذلك أن الشرع لم يفصل في شيء من العقوبات في دار الإسلام بين الرجال والنساء.

  فإن قيل: الرجل إنما⁣(⁣١) حقن دمه بالإسلام، فإذا ارتفع الإسلام عنه عاد دمه مباحاً بارتفاع الإسلام كما كان في الأصل، وليس كذلك المرأة؛ لأن حقن دمها لم يكن بالإسلام، فلا يجب أن يصير دمها مباحاً بارتفاع الإسلام عنها.

  قيل له: هذا غلط؛ وذلك أن في الرجال من لم تكن دماؤهم محقونة بالإسلام، كالرهبان والشيخ الفاني والعسفاء، ومن أسلم من هؤلاء ثم ارتد لزم قتله.

  على أن المرتد والمرتدة لا تكون دماؤهم⁣(⁣٢) مباحة، ألا ترى أنه لا يريقها إلا الإمام؟ فقتلهم إذاً يجري مجرى الرجم.

  فإن قيل: الشيخ الفاني إما أن يكون ذا رأي مثل دريد بن الصمة أو يكون زائل العقل، فإن كان ذا رأي قتل، وإن كان زائل العقل لم يقتل في الردة.

  قيل له: هاهنا ثالث، وهو أن يكون ممن لا رأي له ينتفع به في الحرب والقتال، ويكون له من العقل ما يثبت معه التكليف، ولا خلاف بين المسلمين أن الشيخ الفاني إذا كان بهذه الصفة لا يقتل في دار الحرب، ويقتل في الردة.

  فإن قيل: الراهب إذا أسلم زالت رهبانيته، فبطل تعلقكم به.

  قيل له: لا يمتنع أن يسلم ثم يرتد ويعود إلى رهبانيته، فلا تمنعه رهبانيته عن قتله في الردة وإن منعت عن قتله في دار الحرب.


(١) «إنما» ساقط من (هـ). وفي (ب، د): الرجل أيضاً حقن.

(٢) في (ب، د، هـ): دماؤهما.