شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 265 - الجزء 1

  محمولاً على الوجوب. على أنه ليس يبعد⁣(⁣١) أن يقال: إن الآية إذا قرئت على وجهين وصح أن يتأول كل واحد من الوجهين على الغسل والمسح كان ذلك كالآيتين توجب إحداهما الغسل والأخرى المسح، والمسح داخل في الغسل⁣(⁣٢)، فإذاً الغاسل قد استعمل ما اقتضاه الوجهان من الآية.

  فإن قيل: روي أن رسول الله ÷ مسح على قدميه وعلى نعليه⁣(⁣٣).

  قيل له: قد بين أمير المؤمنين علي # أنه وضوء من لم يحدث، ونحن لا ننكر أن من لم يكن محدثاً وأَحَبَّ تجديد الطهارة فلا بأس أن يفعل ذلك.

  وأخبرنا أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا أبو جعفر الطحاوي، قال: حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: حدثنا وهب بن جرير، قال: حدثنا شعبة، عن عبدالملك بن ميسرة، عن النَّزَّال بن سبْرة⁣(⁣٤)، قال: رأيت علياً # صلى الظهر ثم قعد للناس في الرحَبْةَ⁣(⁣٥)، ثم أتي بماء، فمسح بوجهه ويديه، ومسح برأسه ورجليه، وشرب فضله قائماً، ثم قال: (إن أناساً يزعمون أن هذا يكره، وإني رأيت رسول الله ÷ يصنع مثل ما صنعت، وهذا وضوء من لم يُحْدِث)⁣(⁣٦).

  فقد صرح # أنه وضوء من لم يحدث.

  فإن قاسوا القدمين على الرأس بعلة أنه يسقط في التيمم - عارضنا قياسهم بمثله، وهو أنا نقيسهما على اليدين بعلة أنه محدود في الوضوء.


(١) في (ب): ببعيد.

(٢) لفظ شرح مختصر الطحاوي (١/ ٣٢٥): فالواجب علينا استعمالهما باستيعاب حكمهما، وذلك لا يكون إلا بالغسل؛ لأن المسح يدخل فيه، والغسل لا يدخل في المسح.

(٣) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ٩٧) والطبراني في الأوسط (٥/ ٢٨١).

(٤) سبرة بفتح المهملة وسكون الموحدة. (تقريب).

(٥) رحبة المسجد: الساحة والمنبسط، قيل: بسكون الحاء، والجمع رحاب، مثل كلبة وكلاب، وقيل: بالفتح، وهو أكثر، والجمع: رحب ورحبات مثل: قصبة وقصب وقصبات. (مصباح).

(٦) شرح معاني الآثار (١/ ٣٤).