كتاب الطهارة
  محمولاً على الوجوب. على أنه ليس يبعد(١) أن يقال: إن الآية إذا قرئت على وجهين وصح أن يتأول كل واحد من الوجهين على الغسل والمسح كان ذلك كالآيتين توجب إحداهما الغسل والأخرى المسح، والمسح داخل في الغسل(٢)، فإذاً الغاسل قد استعمل ما اقتضاه الوجهان من الآية.
  فإن قيل: روي أن رسول الله ÷ مسح على قدميه وعلى نعليه(٣).
  قيل له: قد بين أمير المؤمنين علي # أنه وضوء من لم يحدث، ونحن لا ننكر أن من لم يكن محدثاً وأَحَبَّ تجديد الطهارة فلا بأس أن يفعل ذلك.
  وأخبرنا أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا أبو جعفر الطحاوي، قال: حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: حدثنا وهب بن جرير، قال: حدثنا شعبة، عن عبدالملك بن ميسرة، عن النَّزَّال بن سبْرة(٤)، قال: رأيت علياً # صلى الظهر ثم قعد للناس في الرحَبْةَ(٥)، ثم أتي بماء، فمسح بوجهه ويديه، ومسح برأسه ورجليه، وشرب فضله قائماً، ثم قال: (إن أناساً يزعمون أن هذا يكره، وإني رأيت رسول الله ÷ يصنع مثل ما صنعت، وهذا وضوء من لم يُحْدِث)(٦).
  فقد صرح # أنه وضوء من لم يحدث.
  فإن قاسوا القدمين على الرأس بعلة أنه يسقط في التيمم - عارضنا قياسهم بمثله، وهو أنا نقيسهما على اليدين بعلة أنه محدود في الوضوء.
(١) في (ب): ببعيد.
(٢) لفظ شرح مختصر الطحاوي (١/ ٣٢٥): فالواجب علينا استعمالهما باستيعاب حكمهما، وذلك لا يكون إلا بالغسل؛ لأن المسح يدخل فيه، والغسل لا يدخل في المسح.
(٣) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ٩٧) والطبراني في الأوسط (٥/ ٢٨١).
(٤) سبرة بفتح المهملة وسكون الموحدة. (تقريب).
(٥) رحبة المسجد: الساحة والمنبسط، قيل: بسكون الحاء، والجمع رحاب، مثل كلبة وكلاب، وقيل: بالفتح، وهو أكثر، والجمع: رحب ورحبات مثل: قصبة وقصب وقصبات. (مصباح).
(٦) شرح معاني الآثار (١/ ٣٤).