شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيمن يقتل حدا

صفحة 295 - الجزء 5

  من الحرز، وقد استقصينا هذه المسألة في موضعها، وما ذكرناه هناك يمكن أن يعتمد في مسألة المحاربين، وهو الصحيح؛ لقوله ø: {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَاۖ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزْرَ أُخْرَيٰۖ}⁣(⁣١) [الأنعام: ١٦٤] ولا يجوز أن يعاقب من لم⁣(⁣٢) يقتل بالقتل لأن صاحبه قتل، ولا أن يعاقب بالقطع من لم يسرق لأن صاحبه سرق. على أن قوله ÷: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا في إحدى ثلاث» يوجب منع قتل من لم يكن منه واحدة من الثلاث.

مسألة: [في توبة المحارب قبل الظفر به وقد كان أخذ المال وقتل وأخاف]

  قال: فإن أتى الإمام تائباً من قبل أن يظفر به وقد كان أخذ المال وأخاف الطريق وقتل وجب على الإمام أن يقبل توبته، ويسقط عنه جميع ما ذكرنا من القتل والقطع والنفي، ولم يكن لأحد أن يطالبه بشيء مما كان منه في حال محاربته، ولو أن إنساناً قتله بعد ذلك لقتلٍ كان منه قتل الإمام قاتله⁣(⁣٣).

  ووجهه: أن الله تعالى بين بقوله: {إِنَّمَا جَزَٰٓؤُاْ اُ۬لذِينَ يُحَارِبُونَ اَ۬للَّهَ وَرَسُولَهُۥ ...} الآية [المائدة: ٣٣] أن جزاءهم على أفعالهم التي اكتسبوها بالمحاربة هو ما ذكره، وبين أنه جميع جزائهم بإدخال «إنما»؛ لأن «إنما» إذا دخل في الكلام دل على أن ما عداه بخلافه، فدل على أن ما عدا ما ذكره ليس بجزاء لهم، وإذا ثبت ذلك ثبت أنه هو الذي يلزمهم في جميع ما فعلوه وأتوه، ثم استثنى من تاب من قبل أن يقدر عليه، فمن تاب منهم من قبل أن يقدر عليه سقط عنه جميع ما لزمه وانتقل إلى الحدود بحكم الآية، فدلت هذه الآية⁣(⁣٤) أن جميع ما لزمهم بالمحاربة قد سقط عنهم بتوبتهم قبل القدرة عليهم.


(١) في المخطوطات: ولا تزر وازرة وزر أخرى ولا تكسب كل نفس إلا عليها.

(٢) في (ب، د): لا.

(٣) الأحكام (٢/ ١٩٦) والمنتخب (٦٣٨).

(٤) في (أ، ج): الجملة.