باب القول فيما يوجب الدية أو بعضها أو ما يوجب الحكومة
كتاب الديات
باب القول فيما يوجب الدية أو بعضها أو ما يوجب الحكومة
  يجب للمسلم والذمي إذا قتل كل واحد منهما دية كاملة(١).
  فأما المسلم فلا خلاف فيه أن له إذا قتل دية كاملة، وأما أهل الذمة فقد اختلف فيهم، قال أبو حنيفة وأصحابه مثل قولنا: للذمي دية كاملة مثل دية المسلم، وقال مالك: دية اليهودي والنصراني نصف دية المسلم، وقال الشافعي: ثلث دية المسلم، وقالا(٢): دية المجوسي ثمانمائة درهم.
  والدليل على صحة ما ذهبنا إليه: أن فعل النبي ÷ إذا كان بياناً لمجمل واجب كان على الوجوب، وقد ثبت أن قوله ø: {وَإِن كَانَ مِن قَوْمِۢ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَٰقٞ فَدِيَةٞ مُّسَلَّمَةٌ إِلَيٰ أَهْلِهِۦ}[النساء: ٩٢] مجملٌ؛ لأنه لم يبين ø مقدار الدية، وروي عن ابن عباس أن عمرو بن أمية الضمري قتل رجلين من المشركين لهما أمان، ولم يعلم ذلك، فوداهما رسول الله ÷ دية المسلمين الحرين(٣). فجرى فعله مجرى البيان، فوجب أن يحمل على الوجوب. وأيضاً روي عن النبي ÷ أنه قال: «في النفس مائة من الإبل»(٤) وهو عام في جميع النفوس مسلمهم وكافرهم إلا ما خصه الدليل.
  وعن الزهري قال: كانت دية المسلم والمعاهد(٥) على عهد رسول الله ÷ وأبي بكر وعمر وعثمان واحدةً، حتى جاء معاوية فجعل لهم النصف(٦).
(١) في (هـ): الدية كاملة.
(*) الأحكام (٢/ ٢١٦، ٢٢٧) والمنتخب (٦١١).
(٢) في (هـ): وقال.
(٣) أخرجه الترمذي (٣/ ٧٣).
(٤) أخرجه النسائي (٨/ ٥٩) والبيهقي في السنن الكبرى (٨/ ١٢٨).
(٥) في (أ، ج): المسلمين والمعاهدين.
(٦) أخرجه عبدالرزاق في المصنف (١٠/ ٩٥) والبيهقي في السنن الكبرى (٨/ ١٧٨) بلفظ: فلما كان معاوية أعطى أهل المقتول النصف وألقى النصف في بيت المال. ولفظ شرح مختصر الطحاوي (٦/ ٧): حتى جاء معاوية فجعل لهم النصف والنصف على بيت المال.