شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يوجب الدية أو بعضها أو ما يوجب الحكومة

صفحة 304 - الجزء 5

كتاب الديات

باب القول فيما يوجب الدية أو بعضها أو ما يوجب الحكومة

  يجب للمسلم والذمي إذا قتل كل واحد منهما دية كاملة⁣(⁣١).

  فأما المسلم فلا خلاف فيه أن له إذا قتل دية كاملة، وأما أهل الذمة فقد اختلف فيهم، قال أبو حنيفة وأصحابه مثل قولنا: للذمي دية كاملة مثل دية المسلم، وقال مالك: دية اليهودي والنصراني نصف دية المسلم، وقال الشافعي: ثلث دية المسلم، وقالا⁣(⁣٢): دية المجوسي ثمانمائة درهم.

  والدليل على صحة ما ذهبنا إليه: أن فعل النبي ÷ إذا كان بياناً لمجمل واجب كان على الوجوب، وقد ثبت أن قوله ø: {وَإِن كَانَ مِن قَوْمِۢ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَٰقٞ فَدِيَةٞ مُّسَلَّمَةٌ إِلَيٰ أَهْلِهِۦ}⁣[النساء: ٩٢] مجملٌ؛ لأنه لم يبين ø مقدار الدية، وروي عن ابن عباس أن عمرو بن أمية الضمري قتل رجلين من المشركين لهما أمان، ولم يعلم ذلك، فوداهما رسول الله ÷ دية المسلمين الحرين⁣(⁣٣). فجرى فعله مجرى البيان، فوجب أن يحمل على الوجوب. وأيضاً روي عن النبي ÷ أنه قال: «في النفس مائة من الإبل»⁣(⁣٤) وهو عام في جميع النفوس مسلمهم وكافرهم إلا ما خصه الدليل.

  وعن الزهري قال: كانت دية المسلم والمعاهد⁣(⁣٥) على عهد رسول الله ÷ وأبي بكر وعمر وعثمان واحدةً، حتى جاء معاوية فجعل لهم النصف⁣(⁣٦).


(١) في (هـ): الدية كاملة.

(*) الأحكام (٢/ ٢١٦، ٢٢٧) والمنتخب (٦١١).

(٢) في (هـ): وقال.

(٣) أخرجه الترمذي (٣/ ٧٣).

(٤) أخرجه النسائي (٨/ ٥٩) والبيهقي في السنن الكبرى (٨/ ١٢٨).

(٥) في (أ، ج): المسلمين والمعاهدين.

(٦) أخرجه عبدالرزاق في المصنف (١٠/ ٩٥) والبيهقي في السنن الكبرى (٨/ ١٧٨) بلفظ: فلما كان معاوية أعطى أهل المقتول النصف وألقى النصف في بيت المال. ولفظ شرح مختصر الطحاوي (٦/ ٧): حتى جاء معاوية فجعل لهم النصف والنصف على بيت المال.