شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما تضمن به النفس وغيرها وما لا تضمن

صفحة 386 - الجزء 5

  فإن قيس إفسادها ليلاً على إفسادها نهاراً كان ذلك فاسداً، وذلك أن ضمان جنايات البهائم يتعلق بتعدي صاحبها، فيجب أن يراعى متى يكون متعدياً ومتى يخرج عن التعدي، وهذا مما لا خلاف فيه، فإذا ثبت أنه يكون بإرسالها نهاراً غير متعد فكيف يجوز أن يقاس إفسادها ليلاً على إفسادها نهاراً؟

  ويمكن تحرير القياس فيه بأن يقال: لا خلاف أن من وقف دابته في شارع من شوارع المسلمين يكون ضامناً لما يكون منها في حال وقوفها، فكذلك من أرسلها ليلاً يجب أن يكون ضامناً لما يكون منها في حال إرساله، والعلة أن جنايتها وقعت في حال كان صاحبها متعدياً في تركها على تلك الحال.

مسألة: [في جناية صاحب الزرع على الدابة]

  قال: ولو أن صاحب الزرع عدا على الدابة فقتلها أو جرحها أو قطع منها عضواً ضمن ما فعل من ذلك، ليلاً كان أو نهاراً⁣(⁣١).

  ووجهه: أنه في جميع ذلك متعد فيجب أن يضمنه كما يضمن إذا جنى على سائر أموال الناس واستهلكها، وهذا مما لا خلاف فيه.

مسألة: [في أخذ صاحب الزرع للبهيمة ليلاً وحبسها فتلفت]

  قال: فإن أخذها ليلاً وحبسها فتلفت بأي وجه كان من⁣(⁣٢) التلف ليلته تلك لم يضمنها إذا لم يكن تلفها بجناية منه، فإن حبسها بعد ليلته تلك فتلفت ضمنها⁣(⁣٣).

  اعلم أنه يكون كذلك إذا أخذها حفظاً لها على صاحبها⁣(⁣٤) ليردها عليه، فإذا أخذها على هذا الوجه يكون بمنزلة الملتقط والآخذ للضالة في أنه لا يضمنها إذا تلفت بغير جنايته إلى حين إمكان ردها على صاحبها. فأما إن أخذها على سبيل


(١) المنتخب (٤٧٥، ٤٧٨).

(٢) «من» ساقط من (هـ).

(٣) المنتخب (٤٧٨).

(٤) «على صاحبها» ساقط من (ب، د).