شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما تضمن به النفس وغيرها وما لا تضمن

صفحة 391 - الجزء 5

مسألة: [فيمن يقتص منه بحق فيموت]

  قال: ومن اقتص منه بحق فمات فلا قود له ولا دية⁣(⁣١).

  وبه قال أبو يوسف ومحمد. قال أبو حنيفة: تلزم ديته⁣(⁣٢) المقتص له.

  ووجه ما ذهبنا إليه: أنه استوفى منه ما استوفى بحق، ولم يكن فيه تعد، فوجب أن تكون سرايته غير مضمونة؛ دليله من أقيم عليه الحد فمات. وأيضاً إذا جرح أهل العدل أهل البغي فمات منه الباغي لم تكن له دية ولا قود، والعلة أن جراحته لم تكن مضمونة، فوجب أن تكون سرايتها غير مضمونة. وكذلك الدافع⁣(⁣٣) عن نفسه وماله إذا جرح الطالب له ظلماً فمات منه لما بيناه لم يكن عليه ضمان.

  فإن قيل: لسنا نسلم أن جراحته غير مضمونة؛ لأنها مستوفاة على وجه البدل.

  قيل له: هذه عبارة فارغة، مشاحتكم فيها مما لا فائدة فيها؛ وذلك أن معنى قولنا: إن جراحته غير مضمونة: أن المجروح لا يستحق على الجارح فيها لا القصاص ولا الأرش، فلو تركنا ذكر الضمان وقلنا: لما كانت جراحته لا يستحق بها الأرش ولا القود وجب أن تكون السراية كذلك؛ دليله سائر ما ذكرنا - لاتسق الكلام.

  فإن قيل: روي عن النبي ÷ قال: «من استقاد من أحد ثم مات المستقاد منه غرم المستقاد ديته»⁣(⁣٤).

  قيل له: هذا حديث ضعيف ما نعرف صحته، ولا تلقته العلماء بالقبول، ولا


(١) الأحكام (٢/ ٢٣٤).

(٢) في (ب، د، هـ): دية.

(٣) في (هـ): المدافع.

(٤) ذكره الجصاص في شرح مختصر الطحاوي (٥/ ٤٥٧)، وفيه: من استقاد من آخر.