شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في القصاص

صفحة 418 - الجزء 5

  أو لم يكن، وهذا الأحرى على مذهبه، وبه قال أبو يوسف ومحمد، وأظنه قول الشافعي، ورواه يحيى بلفظه هذا عن القاسم @. قال أبو حنيفة: للبالغ أن يقتص.

  ووجه هذا القول: أنه لا خلاف فيمن قتل وله أولادٌ غيب وحُضَّر أنه لا يقتله الحضر حتى يحضر الغُيَّب، فكذلك الكبار والصغار، والعلة أن في أخذهم القود تفويتاً لحقوق الباقين.

  فإن قيل: فقد روي أن الحسن بن علي @ قتل ابن ملجم لعنه الله، وكان لعلي # أولاد صغار.

  قيل له: عندنا أنه مقتول على الردة؛ بدلالة قول النبي ÷ لعلي: «يا علي، أشقى الأولين عاقر الناقة، وأشقى الآخرين قاتلك»⁣(⁣١) ولا يجوز أن يكون أشقى الآخرين إلا الكافر، فثبتت الردة بهذه الدلالة.

  فإن قيل: فلم انتظر به موت علي؟

  قيل له: لا يمتنع أن يكون موته # هو الدال أو الموجب لردته؛ لأنه لا يكون قاتلاً حتى يموت المجروح، والنبي ÷ جعل ذلك الحكم لقاتله.

  فإن قيل: لما كان الصغير ممن يولى عليه جاز للولي أن يزوجه إذ كان النكاح مما لا يتبعض [فكذلك القصاص]⁣(⁣٢).

  قيل له: هذا منتقض بالطلاق؛ لأن الولي لا يطلق عليه. على أن أبا حنيفة لا يعتبر فيه الولي؛ لأن قوله أن للوارث الكبير أن يقتص أي وارثٍ كان ولو كان من ذوي الأرحام.

  قال: وكذلك إن عفا بعضهم بعد البلوغ سقط القود.

  وقد بينا ذلك فيما تقدم.


(١) أخرج نحوه البزار في مسنده (٤/ ٢٥٤) والطبراني في الكبير (٨/ ٣٨).

(٢) ما بين المعقوفين مظنن به في (هـ).