باب القول في القصاص
  عليه، وكذلك من قتل بما لا يقتل به غالباً أنه لا قود عليه - خصصنا ذلك، وبقي ما عداه على حكم القصاص بقضايا هذه الظواهر.
  وروى الطحاوي بإسناده عن قتادة عن أنس أن يهودياً رضخ رأس جارية بين حجرين فقيل لها: من فعل بك هذا؟ فأشارت إلى اليهودي، فأتي به فاعترف، فأمر [به] النبي ÷ فرضخ رأسه بين حجرين(١)، فدل ذلك على وجوب القود وإن لم يكن القتل بالحديد.
  فإن قيل: روي عن النبي ÷ أنه قال: «كل شيء خطأ إلا السيف»(٢).
  قيل له: إنكم قد خصصتم هذا بأن قلتم: إن ما يعمل عمله من الحديد أو الخشب المحدد ففيه القود، وكذلك فيمن أحرق غيره بالنار، فهلا جاز لنا أن نخص منه كل ما عرف من حاله أنه يقتل به غالباً للأدلة التي قدمناها.
  فإن قيل: فقد روي عن النبي ÷ أنه قال يوم فتح مكة: «ألا إن قتل الخطأ بالسوط والعصا الدية فيه مغلظة»(٣).
  قيل له: قد تكلمنا في ضعف هذا الخبر في مسألة شبه العمد بما لا يحتاج إلى إعادته، وأصحاب أبي حنيفة يضعفون ذلك، ولهذا لا يرجع أبو حنيفة في التغليظ إلى مضمونه، وبينا أنه(٤) إن صح ذلك فلا يمتنع أن يكون الغرض بيان جواز الصلح على التغليظ من(٥) العمد.
  فإن قيل: فقد روي: اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت(٦) إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فقضى رسول الله ÷ في دية جنينها بغرة،
(١) شرح معاني الآثار (٣/ ١٩٠).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٥/ ٣٤٩) والدارقطني في السنن (٤/ ١٠٥).
(٣) تقدم بلفظ: ألا إن في قتيل العمد الخطأ بالسوط ... إلخ.
(٤) «أنه» ساقط من (أ، ب، ج، د).
(٥) في (هـ): على.
(٦) في (أ، ب، ج، د): فقتلت. وفي نسخة في (د): فرمت.