باب القول في القصاص
  [الثاني]: ولأنه لو كان هو المستحق لوجب أن يقتصر عليه مات منه أو لم يمت.
  فلما ثبت فساد قول من يقول: إنه استحق هذين ثبت أنه لم يستحق إلا القتل فقط، وكان أوحى القتل ضرب العنق، فوجب أن يكون هو المستحق وألا يتجاوز إلى ما سواه. وأيضاً لا خلاف أن من أوجر غيره خمراً حتى قتله لا يجوز أن يوجر خمراً حتى يقتل، ووجب أن تضرب عنقه بالسيف، كذلك من قتل بغير ذلك، والمعنى أنه قود، وهذا ينقض تعليلهم؛ لأنه يجب أن يفعل به ما فعل هو بالقتيل. وأيضاً هو قتل مستحق بالشرع فوجب ألا يستوفى مع التمكن من سواه(١) بالإحراق أو التغريق والخنق؛ دليله قتل المرتد والزاني المحصن، وإذا بطل ذلك بطل استيفاؤه بغير السيف وضرب العنق.
مسألة: [في الاقتصاص من اللطمة]
  قال: ولو أن رجلاً لطم رجلاً لطمة اقتص له منه بلطمته(٢)، إلا أن تكون وقعت في العين أو في موضع مخوف منه التلف فإنه لا يقتص منه(٣).
  والوجه في ذلك: ما قدمناه في الجروح من أنه يقتص منها ما أمكن ضبطه ومعرفة قدره ولم يكن معه خشية التلف، ولا يقتص منها ما خالف ذلك.
مسألة: [في قتل الولد بالوالد وعدم قتل الوالد بالولد]
  قال: ولو أن رجلاً قتل ابنه لم يقتل به، فإن قتل الابن أباه قتل به(٤).
  وبه قال أبو حنيفة والشافعي وعامة العلماء.
  قال مالك: إن حذفه بالسيف فقتله لم يقتل به، وإن ذبحه قتل به.
(١) كذا في المخطوطات.
(٢) في (هـ): اقتص من لطمه بلطمه.
(٣) المنتخب (٥٩٦).
(٤) المنتخب (٦١٠).