باب القول في القصاص
  والأصل في هذا: حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبدالله بن عمرو عن النبي ÷ أنه قال: «لا يقتل والدٌ بولده»(١) وهذا نصٌ فيما ذهبنا إليه، ولم يعتبر وجوه القتل؛ فوجب ألا يقتل به على حال من الأحوال.
  وروى زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي $ قال: قال رسول الله ÷: «لا يقتص ولد من والده، ولا عبدٌ من سيده»(٢) فلما منع الولد من الاقتصاص من والده علم أنه لا قصاص على الوالد لولده؛ لأنه لو كان عليه قصاص كان يجوز(٣) أن يقتص هو إذا جنى عليه جناية توجب القصاص.
  وروي أن رجلاً جرى بينه وبين امرأته كلام فاعترض له ابنه فحذفه بسيفه(٤) فقطعه اثنين، فرفع ذلك إلى عمر فلم يقتله، وأخبر أن النبي ÷ قال: «لا يقتل والد بولده»(٥) وروي عن النبي ÷ أنه قال: «أنت ومالك لأبيك» فوجب أن يكون ذلك شبهة يدرأ بها القصاص كما أن الشبهة(٦) يدرأ بها القطع، وأيضاً أضافه ÷ إلى أبيه إضافة الملك، فيجب أن ينتفي القود كما انتفى القود عن المولى إذا قتل عبده. ولا خلاف أن قتله إياه بالسيف بحذفه به لا قصاص فيه، كذلك إذا ذبحه، والمعنى أنه أب قتل ابنه فيجب ألا يقتص له منه. وإن شئت قست الذبح على القتل بالحذف(٧) بالسيف،
(١) أخرجه الدارقطني في السنن (٤/ ١٦٨) بلفظ: لا يقاد الوالد بولده وإن قتله عمداً. ورواه ابن ماجه (٢/ ٨٨٨) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله ÷ يقول: «لا يقتل الوالد بالولد»، والترمذي (٣/ ٧٠) كذلك بلفظ: «لا يقاد الوالد بالولد».
(٢) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٣٤).
(٣) في (أ، ب، ج، د): يتجوز.
(٤) في (ب، د، هـ): بالسيف.
(٥) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٦٩، ٧٠).
(٦) كذا في المخطوطات.
(٧) في (ب، د، هـ): والحذف.