شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 290 - الجزء 1

  قيل له: ليس الأمر كما ذكرت⁣(⁣١)؛ لأنه لا يصير في حكم المحدث إلا إذا استحدث فعل الكبيرة، فإذا استحدث فعل الكبيرة بين الوضوء والصلاة فعليه تجديد الطهارة، وإن لم يستحدث كان على الطهارة، وليس يجب أن يكون حصوله غير تائب بمنزلة الحدث، بل الذي هو بمنزلة الحدث إنما هو فعل المعصية.

  فإن قيل: فقد روي أن النبي ÷ قال: «لا وضوء إلا من صوت أو ريح»⁣(⁣٢).

  قيل له: الأدلة كلها كالدليل الواحد، فكأنه ÷ قال: لا وضوء إلا من صوت أو ريح أو كبيرة؛ للأدلة التي قدمناها، وهذا الجنس من التأويل لا بد لجميع الأمة منه؛ إذ لا أحد منهم إلا وهو يقول: إن الطهارة تنتقض من غير صوت أو ريح.

  والأقرب أن هذا الخبر ورد فيمن شك هل أحدث ريحاً أم لا؟ ويؤيد هذا الذي ذكرناه ما روي عنه ÷ أنه قال: «إن الشيطان يأتي أحدكم فينفخ بين أليتيه، فلا ينصرفن حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً».

  فإن قيل: إن الخبر لا يجب قصره على السبب الذي خرج عليه عندكم، بل يجب حمله على ما يقتضيه اللفظ.

  قيل له: كذلك نقول، إلا أن يدل الدليل على أنه يجب قصره على السبب، فقد دل ما ذكرناه من الأدلة على ذلك؛ ألا ترى أن اللفظ لفظ العام لو لم يرد في سبب خاص ودل الدليل على أنه خاص وجب أن يحكم بذلك، فوروده في سبب خاص لا يمنعه من ذلك، بل يؤكده.

  ويمكن أن تقاس المعاصي على القهقهة في الصلاة الواقعة على سبيل العمد؛


(١) في (ب، د): على ما ذكرت.

(٢) أخرجه الطبراني في الكبير (٧/ ١٤٠) بلفظ: لا وضوء إلا من ريح أو سماع.