كتاب القضاء والأحكام
  قيل له: الخبر خبر واحد، والقصة مشهورة؛ لأن النبي ÷ قال(١) لعلي # حين أخرجه إلى اليمن، إلا أن بعض الرواة أوجز، وبعضهم سرده(٢) على وجهه. على أنه يقال لهم: ظاهر الخبر جعل له أن يقضي حين يسمع كلام الآخر؛ لأن «حتى» غاية، فإذا قال: «لا تقض لأحد الخصمين حتى تسمع كلام الآخر» كان المنع إلى حين(٣) يسمع كلامه، وبعد سماعه يزول المنع، ولا يصح ذلك إلا بأن يكون سمع الدعوى والبينة قبل سماع المدعى عليه، وكل من قال: تسمع الدعوى والبينة قال بجواز القضاء(٤) على الغائب، والخبر دال على جواز استماع الدعوى والبينة وإن لم يكن الخصم حاضراً، وهذا ليس يبعد أن يجعل الخبر دليلنا في(٥) المسألة.
  ويدل على ذلك أنه لو حضر المدعى عليه وأنكر لوجب أن يستمع الدعوى والبينة من المدعي ويحكم له به(٦)، فكذلك وإن غاب، والعلة حصول الدعوى المسموعة في الشرع والبينة المقبولة فيه على ما أمكن، والمراد بهما على الصفة التي لو حضر الخصم معها(٧) كانت البينة والدعوى صحيحتين، وليس ينتقض بالخصم لو كان حاضر البلد أو المجلس أنه لا يحكم عليه حتى يسأل؛ لوجهين:
  أحدهما: أن كثيراً من القائلين بالقضاء على الغائب قد أجازوا ذلك [وإن حضر الخصم البلد أو المجلس](٨).
(١) لعلها: قاله.
(٢) في (أ، ب، ج، د): سرد.
(٣) في (د، هـ): إلى أن يسمع.
(٤) في (ب، د): الدعوى.
(٥) في (هـ): على.
(٦) «به» ساقط من (هـ).
(٧) في (أ، ج): معهما.
(٨) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د، هـ).