شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب القضاء والأحكام

صفحة 148 - الجزء 6

  قيساً في نفسه معروف مشهور وإن لم يعرف عنه عن عمرو بن دينار غير هذا الحديث، وكم قد رأينا من الفضلاء من روى عن شيخ واحد حديثاً واحداً أو حديثين، وهذا لا يجوز أن يكون طعناً. وقولهم: إن سيف بن سليمان ضعيف لا يلتفت إليه، بل هو قوي قد أخذ بحديثه العلماء، وروي عن ابن حنبل أنه وثقه.

  وقالوا في حديث ربيعة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة: إنه ضعيف؛ لما روي عن عبدالعزيز الدراوردي أنه قال: سألت سهيلاً عن هذا الحديث فلم يعرفه، وعن سليمان بن بلال قال: قلت لسهيل: إن ربيعة يرويه عنك، فقال: إن كان رواه عني فهو كما قال⁣(⁣١). فيقال: أكثر ما في هذا الحديث⁣(⁣٢) أن يكون سهيل نسي ما رواه، وما في نسيانه ما يوجب سقوط الحديث، بل كل عاقل إذا رجع إلى نفسه يعلم أنه قد نسي كثيراً مما رواه، ثم يتذكر أو لا يتذكر، فإذا حفظه عنه الثقة كان صحيحاً، فوجب بما بيناه سقوط هذا الوجه من الطعن.

  وقالوا⁣(⁣٣): وهذا يفسد ما روي عنه عن أبيه عن زيد بن ثابت؛ لأنه لو كان ثابتاً عنه لقال للدراوردي⁣(⁣٤): لست أعرفه عن أبي هريرة، لكنه عندي عن زيد بن ثابت.

  وهذا أبعد من الأول؛ لأنه يجوز أن يكون نسي الحديث جملة، ونسي الطريقين، سيما وقد⁣(⁣٥) ذكر أن النسيان غلب عليه لأمر أصابه، وقيل: إنه كان سبب ذلك حزنه على أخ له مات، ويجوز أن يكون كان ذاكراً لحديثه⁣(⁣٦) عن أبيه عن زيد لكن الدراوردي سأله عن حديث أبي هريرة فأجابه عما سأله، وسكت عما لم يسأله.


(١) سنن أبي داود (٢/ ٥١٥، ٥١٦).

(٢) كذا في المخطوطات.

(٣) في (ب، د، هـ): «قالوا» بدون واو.

(٤) في (أ، ب، ج): الدراوردي.

(٥) «قد» ساقط من (أ، ب، ج، د).

(٦) في (هـ): ذكر الحديث.