شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب القضاء والأحكام

صفحة 149 - الجزء 6

  وقيل: إنه فاسد؛ لأن ربيعة سئل عن قولهم في شهادة شاهد ويمين صاحب الحق فقال: وجدت ذلك في كتاب سعد بن عبادة⁣(⁣١)، فلم يذكر أنه رواه عن سهيل.

  قيل لهم: يجوز أن يكون أراد هذه الزيادة - أعني: ويمين صاحب الحق - التي وجدها في كتاب سعد. على أنه لا يمتنع أن يكون ذكر له أحد الوجهين، فليس يجب على من يقول قولاً أن يذكر جميع الوجوه التي لها قال ذلك، ويجوز أن يكون عرف من مراد السائل أنه كان سأله عن غير ما رواه عن سهيل لعلمه به، فما في هذا ما يوجب سقوط الحديث.

  قالوا: وحديث عبدالوهاب عن جعفر متصلاً - وقد وصله معه إبراهيم بن اليسع عن جعفر - يضعف؛ لأن مالكاً وسفيان روياه عن جعفر # عن أبيه عن النبي ÷ مرسلاً. فيقال لهم: هذا من الطعن العجيب؛ لأنه ليس في إرسال واحد ما يدل على سقوط إسناد غيره، ولأن المراسيل عندنا وعندهم مقبولة، فلو لم يرو إلا ما روي عن مالك وسفيان لكان كافياً، وهذا الكلام أوضح سقوطاً من أن يحتاج إلى الإطناب فيه، وهذا - رحمك الله - عادة لأصحاب أبي حنيفة، أنهم إذا أغصهم⁣(⁣٢) الحجاج من طريق الأخبار عدلوا عما يعتقدونه ويدينون الله ø به في الأخبار إلى خرافات أصحاب الحديث، وينسون ما يتعلقون هم به من الأخبار الواهية عند أصحاب الحديث.

  وأما ما ادعوه من أن هذه الأخبار زيادة في الكتاب والزيادة نسخ فيقال لهم فيه: ولم ادعيتم أن الزيادة في الكتاب نسخ؟ فإنه أصل نخالفكم فيه وننكره.

  فإن قيل: لأن الله تعالى قال: {وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْۖ}⁣[البقرة: ٢٨١]،


(١) مصنف ابن أبي شيبة (٤/ ٥٤٤).

(٢) في (ب، د): غصهم. وفي (أ، ج، هـ): أغضبهم.