باب القول في الدعوى والبينات
  اليمين؛ لأنه لا يكون الحكم باليمين(١) المجردة، واليمين إما أن تسقط الدعوى أو تؤكد الشهادة على ما نقول في الشاهد واليمين.
مسألة: [في حلف المدعى عليه بعد النكول وبعدما ألزمه الحاكم الحق]
  قال: فإن حلف بعد النكول وبعدما ألزمه الحاكم الحق سقط ما ادعي عليه(٢).
  اعلم أن معنى قوله: «بعدما ألزمه الحاكم الحق» بعدما عرفه الحاكم لزومه بالحكم أو لزومه(٣) باجتهاد، وليس يريد به بعد ما حكم عليه بذلك؛ لأن الحاكم إذا حكم به بطلت يمينه؛ لأن اليمين تكون لإسقاط الدعوى وقطع الخصومة، ومتى حكم الحاكم بصحة الدعوى لم يكن إلى إسقاطها باليمين سبيل؛ لأن يمين الخصم لا تعترض حكم الحاكم، ولأن الخصومة تكون منقطعة بفصل الحاكم، فلا وجه لليمين، والنكول على ما سلف القول فيه ليس بإقرار(٤) تام، فلذلك كان لليمين فيه مسرح.
  على أنه لا خلاف أن النكول لا يمنع اليمين؛ لأن أبا حنيفة يذهب إلى أنه إذا نكل يكرر عليه عرض اليمين ثلاثاً ثم يحكم، وعند الشافعي ما لم يحكم برد اليمين تسمع يمينه، ومالك يحبسه حتى يقر أو يحلف، فصار سماع اليمين بعد النكول إجماعاً.
  قال: وللناكل أن يرد اليمين على المدعي.
  وحكي ذلك عن مالك، ويجب فيه على التحقيق ألا يكون بيننا وبين الشافعي فيه خلاف؛ لأنه يوجب رد اليمين وإن لم يطلبه الناكل، فطلبه لا يمنعه، والخلاف فيه بيننا وبين أبي حنيفة.
(١) في (هـ): معلقاً باليمين.
(٢) المنتخب (٤٩٢).
(٣) في (أ، ج): ولزومه.
(٤) في (أ، ج، هـ): ليس بقول تام.