شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الدعوى والبينات

صفحة 168 - الجزء 6

مسألة: [في إقرار المدعى عليه ببعض المدعى وإنكاره بعضه]

  قال: وإذا ادعى رجل على رجل مالاً فأقر له ببعضه وأنكره بعضه لزم المقر ما أقر به، وعلى المدعي البينة على ما أنكره المدعى عليه، وعليه اليمين⁣(⁣١).

  وهذا مما لا خلاف فيه؛ لأنه إذا أقر بشيء لزمه ما أقر به، وما أنكر رجع فيه إلى قوله: «البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه».

مسألة: [في إقرار المدعى عليه بمال مؤجل والمدعي يدعي مالاً حالاً]

  قال: وإذا ادعى مالاً حالاً فأقر المدعى عليه بمال مؤجل ثبت المال حالاً، وعلى المدعى عليه البينة فيما ادعى من الأجل، وعلى المدعي اليمين⁣(⁣٢).

  وبه قال أبو حنيفة وأصحابه.

  قال الشافعي: القول قول المقر.

  ووجهه: أنه لما أقر له بالمال كان الظاهر أنه يلزمه الخروج منه، وقوله: إنه مؤجل يقتضي أنه لا يلزمه الخروج منه في الحال، فهو يحاول إسقاط حق عن نفسه قد لزم في الظاهر، فوجب أن يكون بذلك مدعياً لا تثبت دعواه إلا بالبينة، كما أنه لو أقر لآخر بدار في يده وقال: إنها مرهونة في يدي لم تثبت دعواه أنها مرهونة إلا بالبينة، وكذلك لو قال: إنها مؤجرة منه إلى شهر كان مدعياً لا تثبت دعواه للإجارة إلا بالبينة، ويمكن تحرير هذه⁣(⁣٣) العلة فيه فيقال: إنه أقر لغيره بمال وادعى لنفسه فيه حقاً، فوجب ألا تثبت دعواه إلا بالبينة؛ دليله لو أقر بدار وادعى أنها مرهونة في يده أو في إجارته إلى مدة.

  فإن قيل: هلا أجريتموه مجرى الاستثناء؛ إذ لا خلاف أنه لو قال: علي عشرة دراهم إلا درهماً لم⁣(⁣٤) يلزمه إلا تسعة دراهم؟


(١) المنتخب (٤٩٣).

(٢) المنتخب (٤٩٤).

(٣) «هذه» ساقط من (ب، د، هـ).

(٤) في (أ، ج): لا.