كتاب الطهارة
  الأصل بالعرف(١)؛ ألا ترى أنها اسم في أصل اللغة لكل ما يدب، ثم صار اسماً للبهيمة المخصوصة، وكذلك الغائط كان اسماً للأرض المطمئنة، ثم صار اسماً لقضاء الحاجة المخصوصة، والاسم إذا أفاد في أصل اللغة شيئاً نقله العرف عنه إلى غيره أو إلى خاص منه ثم ورد(٢) الخطاب به وجب حمل الخطاب عليه، وإذا كان هذا هكذا بان أن الملامسة حقيقتها هي الجماع، ويجب أن تكون حقيقة فيه(٣).
  فإن قيل: لو سلمنا لكم أن الحقيقة فيها ما ذكرتم فيجب أن يكون اللمس أيضاً مراداً بها؛ لأن من مذهبكم أنه لا(٤) يمتنع أن تكون اللفظة الواحدة يراد بها الحقيقة والمجاز جميعاً.
  قيل له: نحن وإن جوزنا ذلك فلسنا نوجبه؛ لأنا نقول: إن اللفظة إذا كان لها مجاز وحقيقة فيجب أن تكون الحقيقة مراداً بها إلا أن يمنع منه الدليل، ولا(٥) يجب أن يكون المجاز مراداً بها إلا بدليل، وإذا كان هذا هكذا فلا يجب أن يكون اللمس مراداً بالآية.
  فإن قيل: قد قرأت الآية: {أَوۡ لَٰمَسۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ}[النساء: ٤٣]، وقرأت: {أَوۡ لَٰمَسۡتُمُ}، فلو ثبت أن الملامسة هي الجماع فلا إشكال في أن اللمس هو المس، والقراءتان كالخبرين، فيجب الأخذ بمقتضاهما.
  قيل له: قد أجمعت الأمة على أن المراد بالقراءتين مراد واحد؛ لأن كل من حمل الملامسة على الجماع حمل اللمس عليه، ومن حمل اللمس على المسّ حمل
(١) في (أ): عما كان أصلاً إلى العرف.
(٢) في (أ، ب): ثم إذا ورد.
(٣) في (أ): فيها.
(٤) في (أ): أن لا.
(٥) في (أ، د): فلا.