باب القول في الدعوى والبينات
  قيل له: نحن نعتبر القوة فيما كان الأمر فيه موكولاً إلى الاجتهاد، فأما ما كان فيه نص أو ما جرى مجرى النص فلا معنى لاعتبار ما ذكرتم، وعدد الشهود منصوص عليه، فلا وجه لاعتبار الضعف والقوة فيه، ألا ترى أنا نعترض بالقياس على موجب العقل وإن كان أقوى من موجب القياس؟ وكذلك خبر الواحد، ونخص الآية بخبر الواحد؛ لأن خبر الواحد والقياس في حكم المنصوص عليهما.
  فإن قيل: روي عن أمير المؤمنين # أنه حكم في رجلين ادعيا شيئاً فأقام أحدهما البينة(١): ثلاثة شهود، والآخر شاهدين - بأن يقسم الشيء بينهما على خمسة، لصاحب الثلاثة ثلاثة أسهم، ولصاحب الشاهدين سهمان(٢).
  قيل له: يحتمل أن يكون فعل ذلك لا لاختلاف عدد الشهود، بل لأنه عرف أن الخمس منه لصاحب الشهود الثلاثة، أو لأن صاحب الشاهدين أقر له بالخمس، فإذا احتمل ذلك لم يجب حمل الأمر على ما ذكرتم، ولم يثبت أنه جعل لكثرة الشهود تأثيراً.
مسألة: [في دعوى المرأة صداقاً على ورثة زوجها]
  قال: ولو أن رجلاً مات وادعت زوجته على ورثته صداقاً حكم لها به إلى مهر مثلها، إلا أن يأتي الورثة بالبينة ببراءتها من صداقها، ولورثة الزوج أن يحلفوها على ما ادعت(٣).
  وهذا مبني على أن الدخول كان حصل بينهما(٤) على رواية الأحكام، ولا يجب أن يحمل ذلك على رواية المنتخب، والصحيح عندنا رواية الأحكام أنه إذا
(١) «البينة» ساقط من (ب، د، هـ).
(٢) أخرجه في مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٠٦).
(٣) انظر المنتخب (٥٠٦).
(٤) في (أ، ج): منهما.