باب القول في الدعوى والبينات
  قال: ولا فصل بين أن تكون المرأة طالبت بصداقها أيام حياتها أو لم تطالب(١).
  وهذا مما لا خلاف فيه؛ لأن السكوت لا يسقط الديون، فكذلك المهر، ألا ترى أن سكوت البائع عن المطالبة بالثمن لا يسقطه، وكذلك قبض المشتري السلعة لا يوجب سقوط الثمن، ولا يكون إقراراً بالقبض؟ فكذلك الدخول لا يسقط المهر ولا يكون إقراراً بالقبض، فصح أن يطالب الورثة بعد موتها ما لم تقم البينة على استيفائها أو إبرائها(٢).
مسألة: [في دعوى ورثة الزوجة صداقها على ورثة الزوج]
  قال: وإن مات الزوجان فادعى ورثة الزوجة على ورثة الزوج صداقها فعلى ورثة الزوجة البينة، فإن أقاموها حكم لهم بها، وإن لم يقيموها استحلف لهم ورثة الزوج على علمهم، ولم يحكم عليهم بشيء(٣).
  وبه قال أبو حنيفة.
  وقال أبو يوسف ومحمد: يحكم لورثتها بالمهر كما يحكم به لو كانا حيين.
  قال أيده الله: وهو الصحيح؛ لأن المهر قد ثبت بالدخول فلا يسقطه موتها.
  فأما وجه ما ذهب إليه يحيى # فهو ما ذكره أصحاب أبي حنيفة من أنه محمول على أن المراد به إذا تقادم العهد حتى(٤) لا يمكن أن يعرف حال المرأة(٥)؛ إذ لا يكون(٦) قد بقي من نسائها من يمكن اعتبار مهرها [بمهرهن](٧).
  ويدل على ذلك أنهم قالوا: إن أبا حنيفة قال: أرأيت إن ادعى آل علي على آل
(١) المنتخب (٥٠٩).
(٢) في (أ، ج): براءتها. وفي (هـ): برائتها.
(٣) المنتخب (٥٠٩).
(٤) «حتى» ساقط من (ب، د، هـ). وفي (هـ): ولا.
(٥) في مهر مثلها. (شرح القاضي زيد).
(٦) في شرح القاضي زيد: بأن لا يكون.
(٧) ما بين المعقوفين من شرح القاضي زيد.