باب القول في نواقض الوضوء
  فإن استدلوا بحديث أبي العالية أن رسول الله ÷ كان يصلي وخلفه أصحابه، فجاء رجل أعمى وثم بئر على رأسها خصفة فتردى فيها، فضحك القوم، فأمر رسول الله من ضحك بأن يعيد الوضوء ويعيد الصلاة(١).
  وروي عن الحسن، عن أسامة بن أبي المليح، عن أبيه(٢)، عن النبي ÷ أنه قال: «من قهقه في صلاته فليعد الوضوء والصلاة»(٣).
  قيل له: روي عن جابر بن عبدالله أن رسول الله ÷ لم يأمرهم بإعادة الوضوء.
  وروي «أن الضاحك في صلاته والملتفت سواء»(٤)، ولا خلاف أن الملتفت لا وضوء عليه، فيجب ألا يكون على الضاحك أيضاً، فالأخبار إما أن تتعارض فيسلم لنا أصل الدليل، ويحمل إيجاب الوضوء على أنه كان لكون الضحك معصية؛ لأن الضحك في الصلاة إذا وقع على سبيل العمد فهو معصية.
  ويدل على ذلك: أنا وجدنا سائر الأفعال لما لم تكن حدثاً خارج الصلا لم تكن حدثاً فيها، والأحداث كلها تشهد لهذه العلة؛ لأنها لا تختص حال الصلاة دون غيرها، بل كل ما كان منها حدثاً في الصلاة كان حدثاً في غيرها.
  فإن قيل: هذه علة تنتقض على أصولكم؛ لأن من مذهبكم أن القهقهة في الصلاة تنقض الطهارة إذا وقعت على سبيل العمد، ولا تنقضها إذا وقعت خارج الصلاة.
  قيل له: العلة صحيحة، وذلك أنا لا نراعي كونها واقعة على سبيل العمد
(١) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (١/ ٣٤١) والدارقطني في السنن (١/ ٣١٣).
(٢) في هامش (أ): صوابه: عن أبي المليح بن أسامة عن أبيه؛ فإن أبا المليح لم يكن صحابياً، وإنما هو تابعي يروي عن أبيه أسامة بن عمير، وهو الصحابي، والله أعلم.
(٣) أخرج نحوه الدارقطني في السنن (١/ ٢٩٦).
(٤) أخرجه الدارقطني في السنن (١/ ٣٢٢) وأحمد في المسند (٢٤/ ٣٨٧).