باب القول في الإقرار
مسألة: [في إقرار السبي بعضهم ببعض]
  وإقرار السبي بعضهم ببعض لا يجوز(١).
  وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: يجوز ذلك.
  ووجه قولنا: ما روي أن عمر كتب إلى أمرائه: ألا تورثوا الحميل إلا ببينة(٢)، ولم يرو خلافه عن غيره من الصحابة، فجرى مجرى الإجماع. على أنه مما يضعف من طريق الاعتبار جداً، وما جرى هذا المجرى إذا قاله مثله من الصحابة فالأقرب أنه قاله نصاً عن النبي ÷. ووجه الاجتهاد فيه أنه يسقط ما استحق بالولاء الثابت عما يجري مجرى العوض من العتق(٣). وهذا يعترضه(٤) أن الولاء كالتعصيب ومحمول عليه، ولا خلاف أنه أضعف التعصيب، فإذا جاز أن يسقط الإقرار بالولد التعصيب كان أولى أن يسقط الولاء؛ لأنه أضعف التعصيب.
  واحترزنا بأنه يجري مجرى المستحق على عوض هو العتق بضعفه(٥)؛ لأنه وإن كان كذلك فلا شك أن تعصيب النسب أقوى منه، وأنه يسقطه، فإذا صح الإقرار بالابن وإن كان ذلك يسقط التعصيب فكذلك إقراره بالابن مع الولاء.
  على أن إقرار الرجل بالابن مع الزوجة يعترض ذلك؛ لأنه يردها من الربع إلى الثمن، وهو مستحق على ما جرى مجرى العوض، وهو البضع، فلما بيناه استضعفنا وجه الاجتهاد فيه، والأقرب أن يعتمد فيه على الرواية، وجملة الأمر أن المسألة فيها ضعف؛ لأن الرواية أيضاً تحتمل التأويل، والله أعلم.
(١) الأحكام (٢/ ١١١).
(٢) أخرج نحوه عبدالرزاق في المصنف (١٠/ ٢٩٩) والبيهقي في السنن الكبرى (٩/ ٢١٩).
(٣) لأن معتقه استحق ولاءه، وبإقراره ينقلب إلى غيره، فيؤدي ذلك إلى إبطال حق الغير الثابت من طريق العوض. (من شرح القاضي زيد).
(٤) في (أ، ب، ج، د): وهذا يغير صفة.
(٥) في (ب، د، هـ): بصفة.