شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب القضاء والأحكام

صفحة 255 - الجزء 6

  يبين أن فسخ الحكم لا يجب برجوع الشهود أن الحكم قد نفذ⁣(⁣١) مع وفور أسباب الاجتهاد، فلا يجب فسخه [برجوع الشهود، كما لا يجب فسخه برجوع الحاكم عن الاجتهاد الموجب لتنفيذ ذلك الحكم. وأيضاً قد ثبت أن الحكم لا يجب فسخه]⁣(⁣٢) بالاجتهاد، وإنما يجب فسخه بالنص المقطوع به أو ما يجري مجراه، وقد ثبت أن الحاكم لا يتبين صدقهم في الرجوع، فلو فسخ الحكم⁣(⁣٣) برجوعهم كان فسخه بما يجري مجرى الاجتهاد دون ما يجري مجرى النص، وذلك لا يجوز. وليس رجوعهم شهادة؛ بدلالة أنه لا يحتاج إلى لفظ الشهادة، فكيف يلزم الحاكم أن يعمل بموجبه؟ بل هو جار مجرى سائر الألفاظ التي ليست شهادة في أن الحاكم لا يلزم أن يحكم به على الغير أو يعترض به على حكم ثابت. وأيضاً هو مكذب لنفسه بالرجوع؛ لأنه بالرجوع مكذب للشهادة، وبالشهادة مكذب للرجوع، فوجب ألا يعمل على قوله في ذلك الأمر؛ دليله سائر الشهادات المتناقضة.

  فإن قيل: فهذا يوجب انتفاء الشهادة الأولى، وذلك يوجب نقض الحكم.

  قيل له: الشهادة الأولى وقعت سليمة من الإكذاب والانتقاض، ووقع الحكم بها صحيحاً سليماً، وإنما الرجوع الذي وقع على الوصف الذي ذكرنا؛ لأن التناقض به حصل، فوجب ألا يكون له حكم يؤثر في الحكم.

  فإن قيل: فهذا يوجب ألا يكون له تأثير في إيجاب الضمان.

  قيل له: ليس كذلك؛ لأن الشهادة الفاسدة إذا وقعت وفي مضمونها إقرار من الشاهد على نفسه بحق لم يكن لها تأثير في الحكم على الغير، وثبت تأثيرها في الإقرار على نفسه، فكذلك مسألتنا.


(١) في (أ، ج): ينفذ.

(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د، هـ).

(٣) في (أ، ج): الحاكم.