كتاب الطهارة
  قيل له: يجوز ذلك بأن تكون الصحابة قد عرفت أن الآية قد نسخت جميع ما كان قبلها من الطهارات.
  فإن قيل: روي عن جرير بن عبدالله أنه قال: أسلمت بعد نزول المائدة، ورأيت رسول الله ÷ يمسح على الخفين.
  قيل له: هذا الحديث يؤكد ما ذهبنا إليه من أن الصحابة راعت فيه التقديم والتأخير، ويؤكد ذلك ما روي أن أصحاب عبدالله يعجبون بحديث جرير؛ لتأخر إسلامه.
  وروى أبو بكر بن أبي شيبة، عن [أبي] معاوية، عن وكيع، عن الأعمش، عن إبراهيم، أنه قال: كان يعجبنا حديث جرير؛ لأن إسلامه كان بعد نزول المائدة(١).
  فأما قول جرير: رأيت رسول الله يمسح ففيه جوابان:
  أحدهما: أنا لا نقبل قول جرير؛ لإنكار أمير المؤمنين # له، ولإنكار ابن عباس وعمار وعائشة وغيرهم من الصحابة له. وليس لأحد أن يقول: إنهم نفوا وجرير أثبت، فيجب أن يكون قول جرير أولى؛ وذلك لأنا نعلم أنهم لا ينفون إلا ما يعلمون انتفاءه على التحقيق، فيجب أن يكون نفيهم أولى من إثبات جرير.
  والجواب الثاني: أن الذي ذكره جرير حكاية فعل، وليس في الحديث أن رسول الله ÷ مسح على الخفين وهو محدث ثم صلى؛ فليس لهم فيه حجة.
  ويدل على ذلك أيضاً أنه قد ثبت عن أمير المؤمنين # وابن عباس وعائشة وأبي هريرة وغيرهم إنكار المسح على الخفين.
  وروى أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا هشيم، قال: حدثنا يحيى بن سعيد،
(١) مصنف ابن أبي شيبة (١/ ١٦١).