باب القول في الوكالة
  والأصل في هذا: ما رويناه عن علي # أنه وكل عبدالله بن جعفر بخصوماته، وكان قد وكل قبل ذلك عقيلاً من غير اعتبار رضا الخصم، ولم ينكره أحد في ذلك العصر، فجرى ذلك مجرى الإجماع على أن للخصم أن يوكل في الخصومة من غير اعتبار رضا الخصم.
  فإن قيل: لعله وكل برضا الخصم.
  قيل له: لم يرو ذلك عن أحد، بل هو ممتنع؛ لأنه # وكلهما جملة في خصوماته لا في خصومة معينة، ولا يجوز أن يراعى رضا من لم يصر بعد خصماً. وأيضاً قد ثبت أن الوكيل ينوب مناب الموكل ويقوم مقامه، فليس لخصمه أن يمتنع منه؛ لأنه يكون موفياً له حق الخصومة؛ دليله لو خاصم بنفسه لم يكن لخصمه أن يطالب بالتوكيل.
  فإن قيل: الخصومة حق توجه للخصم على خصمه؛ بدلالة أن الحاكم يحضره لها، ويحول بينه وبين أشغاله بسببها، وإذا توجه الحق عليه لم يكن له أن يجعله إلى غيره.
  قيل له: ولم قلتم ذلك؟ وما الدليل عليه(١)؟ بل الأمر بخلافه؛ لأن حقه استيفاء الخصومة عليه، فإذا استوفاها عليه لم يبق حق، ألا ترى أن من كان له على زيد مال فوكل غيره بتوفية المال لم يكن له أن يمتنع من استيفائه منه؟ كذلك حق الخصومة، وهذا مما يجوز أن يجعل ابتداء الدليل.
  فإن قيل: على الحاكم أن يسوي [بين الخصمين، وليس من التسوية بين الخصوم حضور أحدهما وابتذاله للخصومة وقعود الآخر في منزله](٢).
  قيل له: [الذي يجب على الحاكم أن يسوي](٣) بينهما بأن يمكنهما من التساوي، فإن اختار أحدهما ترك المساواة لم يلزم الحاكم شيء، ألا ترى أن على
(١) في (ب، د، هـ): له.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د، هـ)، وفيها بدل ذلك: بينهما.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د، هـ)، وفيها بدل ذلك: التسوية.