شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الصلح

صفحة 315 - الجزء 6

  يكون إبراء من البعض، ولا يجوز بيع المجهول، فيجب ألا يجوز الصلح الجاري مجرى البيع عن المجهول، ألا ترى أنه لا يجوز الصلح الذي هو كالصرف إلا كما يجوز الصرف⁣(⁣١)؛ لأنه لا بد فيه من التقابض في المجلس؟ فإذا ثبت ذلك في الصلح الذي هو كالبيع فلم يفصل أحد بينه وبين الصلح الذي هو إبراء من البعض في عدم⁣(⁣٢) جوازه عن المجهول⁣(⁣٣) [فيجب ألا يجوز الصلح الذي هو إبراء عن المجهول]⁣(⁣٤).

  على أن الإبراء عن المجهول أيضاً⁣(⁣٥) لا يصح؛ بدلالة ما أجمع عليه من أن رجلاً لو كانت له حقوق مختلفة على رجل فقال له: أبرأتك من حق من تلك الحقوق لم يجز ذلك، والعلة أنه إبراء من المجهول، ألا ترى أنه لو عين الحق صحت البراءة منه؟ فكذلك سائر الحقوق المجهولة لا تصح البراءة منها، فإذا لم تصح البراءة من المجهول ولا بيع المجهول وكان الصلح يرجع إلى واحد منهما لم يجز الصلح عن المجهول. وأيضاً لا خلاف أن الصلح على المجهول لا يصح، فكذلك عن المجهول، والعلة أنه أحد عوضي⁣(⁣٦) الصلح. ويكشف ذلك أن الثمن لما لم يجز أن يكون مجهولاً لم يجز أن تكون السلعة أيضاً مجهولة.

  فإن قيل: روي أن النبي ÷ دفع إلى علي مالاً وبعثه إلى بني جذيمة حين


(١) في (ب، د، هـ): الذي هو كالصرف كما لا يجوز الصرف.

(٢) «عدم» ساقط من (أ، ج) وشرح القاضي زيد.

(٣) المذهب أن الصلح إذا كان بمعنى الإبراء صح عن المجهول بمعلوم إذا علم أن المصالح به دون المصالح عنه كما في الأزهار وشرحه وهامش الشرح. قال في شرح القاضي زيد: أطلق المؤيد بالله في التجريد وشرحه أن الصلح عن المجهول لا يجوز، وخرج السيد أبو طالب من كلام أبي العباس حيث ذكر أن الإبراء من المجهول صحيح على أصل يحيى # جواز الصلح بالمعلوم عن المجهول.

(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د، هـ).

(٥) في (أ، ب، ج، د): إنما.

(٦) في (أ، ب، ج، د): عوض. وفي (ب): أخذ عوض.