كتاب القضاء والأحكام
  يقسط على الأرض والأشجار؟ وليس كذلك إذا انكسرت الأشجار وبقيت منكسرة(١)، فما كان من النقص يجري هذا المجرى فإنه يأخذ الأصل، ويضرب بما يخص الذاهب من الثمن مع الغرماء.
  فعلى هذا لو اشترى ناقة مع فصيلها ثم أفلس وقد مات الفصيل فإن البائع يأخذ الناقة ويضرب مع الغرماء فيما يخص الفصيل من الثمن، فإن اشتراها سمينة ثم أفلس وقد هزلت فليس للبائع إلا أخذها مع هزالها أو تسليمها ليكون أسوة الغرماء، فعلى هذا يجب أن يجرى الباب في هذا المعنى، وعلى هذا أيضاً يجب أن يجري حكم الزيادة على ما تقدم.
  فإن قيل: ألستم تعتبرون في الشفعة أن يكون الذاهب ذهب بجناية المشتري أو لا بجنايته، فتقولون: إن المشتري إن كان قطع الأشجار واستهلكها - وكذا الثمار - فإن الثمن يقسط على الأرض وعلى الأشجار والثمار، وإن كانت الأشجار والثمار تلفت بالرياح والأمطار لم يكن للشفيع إلا أخذها على ما بها بجميع الثمن أو تركها، فهلا قلتم مثل ذلك في بائع المفلس؟
  قيل له: الفرق بينهما أن المشتري يصير للشفيع في حكم الوكيل؛ لأن عقد البيع يصير إلى الشفيع عن المشتري، كما يصير إلى الموكل عن الوكيل، والوكيل إذا شرى شيئاً ثم تلف بعضه بغير جناية منه لم يضمن، وإن تلف منه شيء بجنايته ضمن، فكذلك حكم المشتري مع الشفيع، وبائع المفلس جعل أحق بما يجده بعينه من المتاع، فما وجده أخذه على أي صفة كان من زيادة أو نقصان، وما لم يجده بأن يكون قد ذهبت عينه فلا يمكنه أخذه، فلا بد أن يكون فيما يخصه من الثمن أسوة الغرماء.
  وما ذهبنا إليه في بائع المفلس به قال الشافعي.
(١) في (هـ): مكسرة.