باب القول في التفليس
مسألة: [فيمن يدعي الإفلاس وغريمه يدعي يساره]
  قال: وإذا ادعى الرجل الإفلاس وادعى غرماؤه أنه موسر حبسه الحاكم إلى أن يقيم البينة على إفلاسه، فإذا بان إعساره خلى عنه، فإذا ادعى الغرماء يساره بعد أن فلسه الحاكم فعليهم البينة وعليه اليمين.
  وهذا كله منصوص عليه في المنتخب(١)، غير تحقيق لزوم البينة في المسألتين فإن كلامه دل عليه؛ لأنه لما نص على وجوب حبسه بان أنه رأى أن الظاهر مع الغرماء؛ لأن الحق قد ثبت لهم، وهو يدعي أمراً يسقط مطالبتهم، وفي المسألة الثانية نص على أن على المفلس اليمين، فحقق أن الظاهر معه بعد تفليس الحاكم، فقلنا: البينة على من يدعي له اليسار.
  وقال في الأحكام(٢): يحبس المليء المماطل لغريمه بعد الجدة، فأما المعسر الفقير فلا يحبس. فدل على أنه لما قال في المنتخب: إن الحاكم يحبسه أنه رأى أن الظاهر مع الغرماء فيما ادعوا من يساره.
  وقال في الفنون(٣): إذا أقر بالحق وذكر أنه معدم لا مال له فالبينة على من يدعي أنه واجد، واليمين على من ذكر أنه معدم.
  اعلم أن وجه ما ذكر من أن الحاكم يحبسه: ما ذكرناه من أن من لزمه حق لإنسان أنه يلزمه الخروج منه، فإذا ادعى أمراً يسقط عنه الخروج لم يصدق إلا بالبينة، ولهذا قلنا فيمن أقر لآخر أن عليه مالاً فادعى أن مؤجل ثبت عليه المال، ولم يثبت الأجل إلا بالبينة، فإن أقام البينة(٤) على الإعدام سمعت منه.
  وقال في الأحكام والمنتخب: يستكشف الحاكم أمره، فإن بان له أنه مليء حبسه، وإن بان له الإعسار خلى عنه.
(١) المنتخب (٥٦٦، ٥٦٨).
(٢) الأحكام (٢/ ١٢٠).
(٣) الفنون (٦٨٩).
(٤) «فإن أقام البينة» ساقط من (أ).