شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في التفليس

صفحة 340 - الجزء 6

  واعلم أن الحبس يكون على وجهين:

  إما أن يحبسه الحاكم لالتباس حاله في اليسار والإعسار إلى أن يكشف حاله بالبينة.

  أو بأن يقف الحاكم على أنه مليء مماطل لغريمه.

  والأصل في الحبس: ما روي أن النبي ÷ حبس ناساً من أهل الحجاز اقتتلوا فقتلوا بينهم قتيلاً⁣(⁣١).

  وروي أيضاً أن رسول الله ÷ حبس رجلاً في تهمةٍ، وقال ÷: «مطل الغني ظلمٌ».

  فإذا جاز حبسه بالتهمة كان حبسه للظلم أولى.

  وروي أيضاً أن رسول الله ÷ حبس رجلاً أعتق شقصاً له في مملوك حتى باع غنيمة له⁣(⁣٢). وروي عن النبي ÷: «لي الواجد يحل عرضه وعقوبته»، ومعلوم أنه لم يرد بالعقوبة الضرب، فثبت أنها الحبس.

  وروى زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي $ أنه كان يحبس في النفقة، وفي الدين، وفي القصاص، وفي الحدود، وفي جميع الحقوق⁣(⁣٣).

  والحبس في الحقوق أمر يتعارفه المسلمون من أيام الصحابة إلى يومنا هذا، قد أطبقوا عليه قولاً وفعلاً لا يتناكره منهم أحد، فجرى مجرى سائر الإجماعات.

  وقلنا: إنه يحبس إذا التبس أمره لما روي أن النبي ÷ حبس للتهمة.

  ولم يحد يحيى بن الحسين @ حبس الالتباس بمدة قليلة ولا كثيرة، وإنما قال: يحبسه حتى يكشف⁣(⁣٤) أمره، وذلك يحتمل قليل الزمان وكثيره، وبه قال أصحاب


(١) المراسيل لأبي داود (٢٩٢).

(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٨٠).

(٣) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٠٧).

(٤) في (ب، د، هـ): ينكشف.