شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في التفليس

صفحة 343 - الجزء 6

  صاحب المال ببيعه، ولا يجوز حمل ما روي على مجاز بعيد]⁣(⁣١) بغير دلالة. وما روي أن النبي ÷ أمر بعتقها في بعض الأخبار، وفي بعضها أنه أعتقها - يجوز أن يكون أمر بعتقها ثم أعتقها بنفسه؛ ليصح الخبران. وقصة فرعون فبخلاف ما قلناه؛ لأنه مشهور في التعارف أن ينسب إلى الملوك هذا الجنس إذا أمروا به⁣(⁣٢)، على أن كل ذلك مجاز لا يثبت إلا بدلالة، فكذلك ما رويناه في قصة معاذ، على أنه أبعد من غيره، على أنا بينا أن الحاكم يقوم مقام الرجل في إيفائه ما يلزمه من حق الغير إذا امتنع منه، كتزويجه إذا عضل الولي، وكاستيفاء الإمام العشور والصدقات إذا امتنع أربابها من الإيفاء، فكذلك الأموال يقوم مقام المماطل في إيفاء الغرماء، ولا يتم ذلك إلا ببيع أموالهم. وتجعل الدراهم والدنانير أصلاً للعقار والعروض.

  فإن قيل: غير جائز في حديث معاذ⁣(⁣٣) أن يكون⁣(⁣٤) معاذ ممتنعاً من قضاء الدين وبيع ماله مع أمر رسول الله ÷، فعلم أن المراد أنه أمره ببيع ماله، وأنه هو الذي تولى بيعه.

  قيل له: لم يثبت أن معاذاً كان ممن لا يجوز أن تتفق منه مقارفة معصية يجوز أن تكون صغيرة. ويجوز أن يكون النبي ÷ سبق إلى بيعها قبل أن يلزمه بيعها؛ إذ⁣(⁣٥) رأى ذلك احتياطاً، ويجوز أن يكون الدين ثبت عليه في الظاهر،


(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د، هـ).

(٢) في (ب، د): إلى الملوك ما أمروا به. وفي (هـ): إلى الملوك ما أمروا به من هذا الجنس.

(٣) لفظ شرح مختصر الطحاوي (٣/ ١٧٤): ولا يحتمل حديث معاذ غير ما وصفنا؛ من قبل أن أحداً لا يرى البيع على الغريم إلا في حال امتناعه من البيع وقضاء الدين، ولا جائز أن يكون معاذ ... إلخ.

(٤) في (أ، ج): فإن قيل في حديث معاذ لا جائز أن يكون ... إلخ. وفي (ب): فإن قيل في حديث معاذ غير جائز.

(٥) في (ب، د، هـ): إذا.