شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الضوال واللقط

صفحة 375 - الجزء 6

  والشافعي، وحكي عن بعض الناس أنها تستحق بالعلامة، وبه قال مالك.

  والأصل في ذلك: قول النبي ÷: «البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه»، وقوله: «لو أعطي الناس بدعاويهم، لادعى قوم دماء قوم وأموالهم، لكن البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه»، ومدعي اللقطة والضالة مدع، فيجب ألا تثبت له دعواه إلا بالبينة. وأيضاً من ادعى شيئاً في يد غيره لا يستحقه بالوصف والعلامة، فكذلك اللقطة؛ لأنه مدع فيها.

  فإن قيل: فإقامة البينة تتعذر في ذلك.

  قيل له: وكذلك السرقة يتعذر إقامة البينة عليها على حد ما يتعذر في اللقطة، ومع هذا لا خلاف أنها لا تستحق بالوصف والعلامة، وكذلك الوديعة إذا أودعت سراً.

  فإن قيل: فقد اعتبرتم الوصف والعلامة في الجدار إذا كان له وجه أو قمط، أو كان عليه خشب لأحد المتداعيين، فما أنكرتم مثله في اللقطة؟

  قيل له: نحن لم نعتبر العلامة فيها⁣(⁣١) للاستحقاق، وإنما طلبنا بالعلامة اليد أو قوة اليد، وهذا غير ممتنع إذا التبس حكم اليد، ومدعي اللقطة لا يد له عليها⁣(⁣٢) ظاهرة ولا ملتبسة على وجه من الوجوه، فصار اعتبار العلامة والوصف فيهما⁣(⁣٣) كاعتبارهما في سائر الأملاك إذا ادعيت.

  فإن قيل: فقد قال ÷: «فلتعرف عفاصها ووكاءها ووعاءها»، فلولا أنها تستحق بتلك العلامات ما كانت لذلك فائدة.

  قيل له: قد قيل: فيه فائدتان: إحداهما: أن يمنع بذلك من الاختلاط بماله؛ لئلا يؤدي ذلك إلى الاستهلاك لها.


(١) كذا في المخطوطات.

(٢) في (أ، ج): فيها.

(٣) كذا في المخطوطات.