شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصيد والذبائح

صفحة 379 - الجزء 6

  ويدل على ذلك حديث أبي ثعلبة الخشني أنه قال: يا رسول الله، إن لي كلاباً مكلبة، فأفتني في صيدها، فقال ÷: «إن كان لك كلاب مكلبة فكل ما أمسكن عليك»، فقال: يا رسول الله، ذكيٌ وغير ذكي؟ فقال رسول الله ÷: «ذكي وغير ذكي»، فقال: يا رسول الله، وإن أكل منه؟ قال: «وإن أكل منه»⁣(⁣١)، فبين أنه وإن أكل منه لا يخرج من أن يكون مكلباً وممسكاً على صاحبه.

  وروي عن علي #: (كل ما أمسك الضاري وأكل منه، وما قتل الكلب الذي ليس بضارٍ فلا يصح أكله).

  ويدل على ذلك عموم قوله ÷: «إذا أرسلت كلبك وقد ذكرت اسم الله عليه فكل وإن قتل».

  فإن قيل: فقد روي عن عدي بن حاتم قال: سألت النبي ÷: أنصيد بهذه الكلاب؟ فقال لي: «إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل ما أمسك عليك وإن قتل، إلا أن يأكل الكلب [فإن أكل] فلا تأكل، فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه»⁣(⁣٢).

  قيل له: يحتمل أن يكون المراد بهذا الخبر الكلب الذي لا يوثق بتعليمه، ألا ترى أنه ÷ قال: «أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه»، فلم يجزم بالتحريم، بل علق النهي على الظن الذي ذكره؟ ولا نمتنع نحن أن نقول ذلك في الكلب أول ما يصيد إذا أكل من الصيد؛ لأنه لا تقع الثقة بأنه قد كان مكلباً.

  فإن قيل: ففي بعض الأخبار النهي المطلق⁣(⁣٣)، وليس فيه: «إني أخاف».

  قيل له: لا يمتنع أن يكون بعض الرواة حذف هذه الزيادة تخفيفاً، وتقديراً


(١) أخرجه أبو داود (٢/ ٣١٨) وأحمد في المسند (١١/ ٣٣٥).

(٢) أخرجه البخاري (٧/ ٨٨) ومسلم (٣/ ١٥٢٩، ١٥٣٠).

(٣) أخرجه البخاري (٧/ ٨٧) ومسلم (٣/ ١٥٣٠).