كتاب الطهارة
  عن زاذان، قال: سألت علياَ # عن الغسل فقال: (اغتسل إذا شئت)، قال: إنما أسألك عن الغسل الذي هو الغسل، قال: (يوم الجمعة، ويوم عرفة، ويوم الفطر، ويوم النحر)(١).
  ومن المعلوم أنه لم يخبر عن الغسل المباح؛ لأن السائل لم يقنع بقوله #: (اغتسل إذا شئت)، وقال بعد ذلك: إنما أسأل عن الغسل الذي هو الغسل، وكذلك لم يخبر عن الغسل المفروض؛ إذ ذكر غسل العيدين ويوم عرفة ولم يذكر الغسل من الجنابة، فثبت أنه أراد الغسل المسنون، وفي ذلك صحة ما ذهبنا إليه من أن غسل الجمعة والعيدين سنة.
  وأما غسل الإحرام فالذي يدل على أنه مسنون: ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر في حديث طويل يصف فيه حجة رسول الله ÷، يقول: أتينا ذا الحليفة فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله ÷ كيف أصنع؟ فقال: «اغتسلي واستذفري بثوب وأحرمي»(٢).
  فلما أمرها بالغسل مع النفاس علم أنه مسنون؛ إذ لا غرض فيه غير إقامة السنة.
  وروي عن النبي ÷ أنه قال لعائشة حين حاضت وكانت مهلة بعمرة: «انقضي رأسك وامتشطي واغتسلي وأهلي بالحج»(٣).
  فدل ذلك على ما قلناه.
  وأما الوجه فيما قاله القاسم # من أن من اغتسل يوم الجمعة اكتفى وإن أحدث بعد ذلك - هو أن الغرض المقصود به من إماطة الروائح يتم وإن توسط الحدث بينه وبين الصلاة، ولأن أحداً لم يقل بخلافه.
(١) شرح معاني الآثار (١/ ١١٩).
(٢) مصنف ابن أبي شيبة (٣/ ٣٣٤).
(٣) أخرجه البخاري (١/ ٤٢٣) ومسلم (٣/ ٨٧٠).