شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الذبائح

صفحة 413 - الجزء 6

  والأصل فيما ذهبنا إليه قول الله ø: {۞حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ اُ۬لْمَيْتَةُ وَالدَّمُ}⁣[المائدة: ٤]، وليس لأحد أن يمتنع من إجراء الاسم عليه؛ لأنه لا يمتنع أحد أن يقول: وجد جنين حي أو جنين ميت في بطن أمه؛ ولأنه كالأم يصح أن يكون حياً ومذبوحاً وميتاً من غير ذبح، فصح انطلاق الاسم عليه، وإذا انطلق حرم بظاهر الآية.

  فإن قيل: قال الله ø: {أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ اُ۬لْأَنْعَٰمِ}⁣[المائدة: ٢]، وروي عن ابن عباس أنها الجنين⁣(⁣١).

  قيل له: روي عن الحسن أنها الشاء والبقر والإبل⁣(⁣٢). على أنا لا نختلف في إباحة الجنين، وإنما اختلفنا فيما لم يذك منه، وقوله ø: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}⁣[المائدة: ٤] يوجب تحريم ما لم يذك منه. على أنه ø قال: {إِلَّا مَا يُتْلَيٰ عَلَيْكُمْ}⁣[المائدة: ٢]، فحصل المستثنى منه مجملاً موقوفاً على البيان، فلا⁣(⁣٣) يصح الاحتجاج به.

  فإن قيل: روي عن النبي ÷ أنه قال: «ذكاة الجنين ذكاة أمه»⁣(⁣٤).

  قيل له: يحتمل أن يكون المراد به كذكاة أمه، يعني أنه يجب أن يذكى كما تذكى أمه، وأنه كالأم في أن ذكاة غيره لا تكون ذكاةً له، يبين ذلك أن المراد لو كان ما ذهبوا إليه كان الأشبه والأولى أن يقول: ذكاة الأم ذكاة جنينها، ومثال ما قلناه قد ورد في القرآن والشعر، قال الله تعالى: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا اَ۬لسَّمَٰوَٰتُ وَالْأَرْضُ}⁣[آل عمران: ١٣٣]، والمراد كالسماوات والأرض، ألا ترى أنه قال الله تعالى في سورة أخرى: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ اِ۬لسَّمَآءِ وَالْأَرْضِ}⁣[الحديد: ٢٠]؟


(١) انظر تفسير الطبري (٩/ ٤٥٦).

(٢) تفسير الطبري (٩/ ٤٥٥).

(٣) في (أ، ب، ج، د): ولا.

(٤) أخرجه أبو داود (٢/ ٣٠٨، ٣٠٩) والترمذي (٣/ ١٢٤).