كتاب الصيد والذبائح
  الاحتجاج به؛ لأنه إجماع منهم، ذكر هذا المعنى يحيى بن الحسين # في باب الرجم من الأحكام(١).
  وقوله: «الخمر ما خامر العقل» لا يخلو من أن يكون قاله لغة أو شرعاً، فإن كان قاله لغة فيجب أن يقبل منه، وإن كان قاله شرعاً على الوجه الذي قاله بحضرة الصحابة فيجب أن يعمل به؛ لأنه يكون إجماعاً.
  وروى أيضاً أنس قال: كنت أسقي أبا طلحة وأبا دجانة وسهيل بن بيضاء خليط بسرٍ وتمر إذ حرمت الخمر، فدفقتها، وأنا ساقيهم يومئذ وأصغرهم، وإنا نعدها يومئذ خمراً(٢). وروى في اختلاف الفقهاء(٣) عن أنس أنه سئل عن الأشربة فقال: حرمت الخمر وهي من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير والذرة، وما حرم الله من ذلك فهو خمر.
  وقد قيل: إن الخمر سمي خمراً لمخامرته العقل، فكل ما أثر تأثيره في العقل يجب أن يكون خمراً، وهذا يرجع في صحته إلى قول عمر بحضرة الصحابة: والخمر ما خامر العقل، فأما(٤) بيان الاسم من طريق القياس فيضعف جداً، إلا أنه يمكن أن يقوى بأن يقال: إن أهل اللغة لا يمتنعون من أن يسمى شارب المسكر من أي جنس كان مخموراً، وهو لا شك من الخمر، فثبت أن كل مسكر عندهم يجب أن يكون يسمى(٥) خمراً.
  فإن قيل: قوله ÷: «الخمر من هاتين الشجرتين» يدل على أن الخمر لا يكون من غيرهما؛ لأن الألف واللام للجنس، فكأنه قال: كل الخمر من هاتين الشجرتين.
(١) الأحكام (٢/ ١٥٠).
(٢) أخرجه البخاري (٧/ ١٠٨).
(٣) مختصر اختلاف العلماء (٤/ ٣٧٤).
(٤) في (هـ): وأما.
(٥) «يسمى» ساقط من (أ، ب، ج، د).