شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب الأشربة

صفحة 476 - الجزء 6

  وروى أيضاً الطحاوي في اختلاف الفقهاء عن أسلم مولى عمر عن عمر قال: لا تأكل من خمر أفسدت حتى يكون الله بدأ بإفسادها، وادعى أبو جعفر أن ذلك من لفظ بعض الرواة⁣(⁣١)، والظاهر أنه من لفظ عمر، فإذا ثبت ذلك عنه ولم يرو خلافه عن غيره من الصحابة جرى مجرى الإجماع.

  وليس لهم أن يردوه إلى دباغ جلد الميتة؛ لأن الدباغ عندنا لا يطهر.

  قال: فأما الخل الذي يتخذ من العصير ويسمى خل خمر فلا بأس به⁣(⁣٢).

  وهذا مما لا خلاف فيه، قال النبي ÷: «نِعْمَ الإدام الخل»⁣(⁣٣).

  والذي عندي أن الخمر إذا صارت بنفسها خلاً كان ذلك حلالاً، وإن كان في المتأخرين من أصحابنا من قال بخلاف ذلك، وعليه دل كلام القاسم # حيث يقول: ما نبت على العذرة إذا لم يبق فيه رائحة وأثر للنجس كان طاهراً، ولا شك أنه يكون مستحيلاً من النجاسة، وكذلك قوله في الدود الذي يخرج من أسفل الإنسان: إنه لا يخرج إلا ومعه غيره من العذرة، فلذلك تنتقض⁣(⁣٤) الطهارة، ففيه تنبيه على أنه لولا ما ماسه من النجاسة كان طاهراً، ولا إشكال أنه مستحيل من النجاسة، واللبن أيضاً لا إشكال في أنه مستحيل من الدم مع كونه طاهراً، فصار ذلك أصلاً في كل نجس استحال حتى يصير شيئاً آخر من غير فعل الآدمي في أنه يجب أن يكون طاهراً، فكذلك الخل المستحيل عن الخمر. على أنه يبعد أن يكون خلاً⁣(⁣٥) لم يكن خمراً.


(١) مختصر اختلاف العلماء (٤/ ٣٦١، ٣٦٢).

(٢) الأحكام (٢/ ٣١٧).

(٣) أخرجه مسلم (٣/ ١٦٢٢) وأبو داود (٢/ ٥٦٦).

(٤) في (هـ): ينقض.

(٥) كذا في المخطوطات.