باب القول فيما يلزم الإمام للأمة ويلزمهم له
مسألة: [في تنحي الإمام عن الأمة]
  قال: ولا يجوز للإمام التنحي عن الأمة(١) والترك لهم ما وجد فيهم جماعة يعينونه على أمر الله، ويأتمرون له، ويجاهدون معه، فإن لم يجد منهم أحداً كذلك جاز له التنحي عنهم(٢).
  قلنا: لا يجوز له التنحي عن الأمة(٣) والترك لهم ما وجد فيهم جماعة يعينونه لأنه لا خلاف فيه، ولأن فيه تضييع الأحكام وتعطيل الحدود، وذلك محظور مع التمكن؛ ولأن علياً # لم يعتزل مع ما كان يمر به من الشدائد من قومه، ومن اختلاف كلمتهم وظهور خذلانهم له.
  وقلنا: له أن يتنحى عنهم إذا لم يجد أعواناً كما قعد علي # بعد رسول الله ÷ مع أن الحق كان له إلى أن وجد الأعوان، وكذلك الحسن # لما فسد عليه أصحابه وخذلوه اعتزلهم، وخلى بين معاوية وبين الأمر، وكذلك القاسم # بويع واجتمع عليه الخلق، ثم رأى فشلهم، وغلب على ظنه أنه لا يمكنه القيام بالأمر كما يجب فاعتزلهم؛ ولأن هذا أمر لا يتم إلا بالأعوان والأنصار، فإذا لم يكونوا سقط فرضه من الإمامة.
مسألة: [في الجاسوس والأسير]
  قال: والجاسوس إن ثبت أنه قتل أحد بجساسته قتل، وإلا حبس(٤).
  وهذا في جواسيس أهل البغي، فأما أهل الحرب فيجوز قتل من يقع منهم في أيدي المسلمين بغير أمان وعهد إذا كانوا في دار الحرب، وإن أخذ في دار الإسلام فهو ملك لمن أخذه.
(١) في (أ، ج، هـ): الإمامة.
(٢) الأحكام (٢/ ٣٦٤).
(٣) في (أ، ج، هـ): الإمامة.
(٤) الأحكام (٢/ ٤٠٣).