باب القول فيما يلزم الإمام للأمة ويلزمهم له
  قال: والأسير إن كان قتل أحداً من المسلمين قتل به، وإن كان جرحه اقتص له منه، وإن لم يكن فعل(١) ذلك فعل فيه الإمام ما يرى من حبس أو إطلاق، ولم يجز له قتله، إلا أن يظهر منه بعد الأسر مضارة للمسلمين والحرب قائمة، فإذا كان ذلك كان للإمام قتله إن رأى ذلك صلاحاً(٢).
  وهذا أيضاً في أسير أهل البغي؛ لأن أسير أهل الحرب يجوز قتله، فقد قتل النبي ÷ يوم بدر عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث بن كلدة(٣)، وقتل المسلمون يومئذ أمية بن خلف بعدما أسره عبدالرحمن بن عوف، وبهذا قال عامة الفقهاء، وحكي كراهة قتله عن قوم من المتقدمين.
  ويدل على ذلك قول الله تعالى: [{وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ}[البقرة: ١٩٠]، وقوله: {فَإِن تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ](٤) وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْۖ}[النساء: ٨٨]، فأمر بقتلهم بعد أخذهم؛ لأن الواو عندنا توجب الترتيب في الشرع، على أن عموم الآيتين يقتضي ذلك؛ لأنه لم يستثن أسيراً من غيره.
  ويدل على ذلك وعلى جواز قتل جاسوس الكفار قوله تعالى: {۞فَإِذَا اَ۪نسَلَخَ اَ۬لْأَشْهُرُ اُ۬لْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ اُ۬لْمُشْرِكِينَ ...} الآية [التوبة: ٥].
  فأما أسير أهل البغي فللإمام قتله عندنا وعند أبي حنيفة وأصحابه، ذكره أبو الحسن الكرخي والجصاص، ونبه(٥) عليه يحيى # فيما تقدم ذكره، ونبه عليه بقوله: إن كانت لهم فئة(٦) أجيز على جريحهم وقتل مدبرهم(٧).
(١) «فعل» ساقط من (أ، ب، ج، د).
(٢) الأحكام (٢/ ٣٨٨، ٣٨٩، ٣٩٠).
(٣) في المخطوطات: والحارث بن النضر بن كلدة. والمثبت مظنن به في (هـ)، وهو الصواب كما في كتب السيرة.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د، هـ).
(٥) في (أ، ج): ونص.
(٦) في (أ، ب، ج، د): له.
(٧) الأحكام (٢/ ٣٨١).